قلت: وحكم ابن حجر؛ أقرب من حكم الذهبي، فيما يظهر، وكلاهما من الأئمة المجتهدين في دراسة أحكام النقاد على الرواة، وليسا ممن عاصر الرواة.
قال الشيخ عبد الله الجديع في (تحرير علوم الحديث) ١: ٥٨٠ - حول عبارة (شيخ) عند أبي حاتم-: "بتأمل معناها من خلال النظر في حال من قيلت فيه، فإنها لا تدل على عدالة الراوي إلا من جهة أنه مذكور برواية، وليس هذا تعديلا ولا جرحا، وليس فيه تمييز لضبطه، ولذا لا تقال إلا في راو قليل الحديث، ليس بالمشهور به".
قلت: وهذه حال بكير، فليس له في الكتب التسعة سوى هذا الحديث، بل لم أقف له على غيره في غيرها.
وقد قال الذهبي نفسه في (الميزان) ٢: ٣٨٥ في ترجمة: (العباس بن الفضل العدني): "سمع منه أبو حاتم، وقال: شيخ، فقوله: هو شيخ؛ ليس هو عبارة جرح .. ، ولكنها أيضا ما هي عبارة توثيق، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة، ومن ذلك قوله: يكتب حديثة، أي ليس هو بحجة".
ومثل هذا لا يتهيأ الحكم عليه باعتبار مروياته وعرضها على مرويات غيره.
قال ابن عدي في ترجمة (سلم العلوي) من (الكامل) ٣: ٣٢٩: "قليل الحديث جدا، ولا أعلم له جميع ما يروي إلا دون خمسة أو فوقها قليل، وبهذا المقدار لا يعتبر فيه حديثه أنه صدوق أو ضعيف، ولاسيما إذا لم يكن في مقدار ما يروي متن منكر".
وسعيد بن جبير؛ من المكثرين في الرواية، وروى عنه الكثير، فأين أصحابه الأثبات كعمرو بن دينار، وأيوب السختياني، وجعفر اليشكري، وحبيب بن أبي ثابت، وغيرهم من هذا الحديث؟!.