للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- استدلاله بالآية في تلك الحادثة وهذا يفيد في فهم معناها.

وبعد بيان معنى التفسير النبوي، وذكر الأمثلة عليه؛ أنتقل إلى الحديث عن أنواع التفسير النبوي، فأقول -وبالله التوفيق-:

إن الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيان معاني القرآن متفاوت في درجات البيان، ويمكن تصنيفه إلى الدرجات التالية:

١) التفسير النصي (١) اللفظي الصريح:

وهو ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من نص لفظي صريح في تفسير الآية.

وهو موضوع البحث، وأحاديث الرسالة برمتها أمثلة عليه.

قال الزركشي: "لطالب التفسير مآخذ كثيرة؛ أمهاتها أربعة:

الأول: النقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الطراز الأول، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع، فإنه كثير، وإن سواد الأوراق سواد في القلب. قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ثلاث كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير. قال المحققون من أصحابه: ومراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة. وإلا فقد صح من ذلك كثير، فمن ذلك: تفسير الظلم بالشرك في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢]، وتفسير الحساب اليسير بالعرض، رواهما البخاري، وتفسير القوة في: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] بالرمي رواه مسلم" (٢).

وما ذكره من الأمثلة يومىء إلى أنه يعني هذا النوع، وهذا ما فهمه السيوطي فإنه نقل كلامه، ثم عقب عليه، فقال: "قلت: الذي صح في ذلك قليل جداً، بل أصل المرفوع منه في غاية القلة" (٣).


(١) النص عند الأصولين: ما لا يحتمل إلا معنى واحداً. ينظر: (البحر المحيط) للزركشي ٢: ٢٠٤.
(٢) البرهان ٢: ١٥٦ - ١٥٧، وما ذكره من الأمثلة ستأتي في مواضعها من البحث -إن شاء الله-.
(٣) الإتقان ٢: ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>