لقد أخطأ كثير من الناس في العصور المتأخرة فى مفهوم البدعة وأحكامها، فقالوا: بأن البدعة تنقسم إلى حسنة وقبيحة وأنه ليست كل بدعة ضلالة وأن ما ارتضاه المسلمون وتعارفوا عليه لا يكون بدعة، وهذه المفاهيم كلها إنما حدثت بعد القرون الثلاثة الفاضلة. قال: فاستطاع المؤلف -يعني ابن تيمية- أن يؤصّل لهذه المسألة ويستقرئ أدلتها ويبين أحكامها ووجه الخطأ فيها على النحو التالي ويبين أن كل بدعة ضلالة بصريح السنة ومنطوقها حيث ذكر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن كل بدعة ضلالة" وأن شر الأمور محدثاتها، وأن كل محدثة بدعة، وما زعمه بعض الناس من أنه ليس كل بدعة ضلالة فهو مصادم لقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ومشاقة له. إن البدع التي هي محل الكلام هنا هي ما أحدثه الناس فى العبادات وشعائر الدين وشرائعه كالأعياد المحدثة والبدع التي أحدثها الناس حول القبور والمزارات والمشاهد والموالد. وكالصلوات المحدثة مثل صلاة الرغائب، والصلاة الألفية، والصيام المحدث مثل صيام أول خميس من رجب ونحو ذلك من المبتدعات التي يتعبد الناس بها أو تصير من شعائرهم وسماتهم الدينية فهذه الأصل فيها أن لا يشرع منها إلا ما شرعه اللَّه. أما العادات فالأصل فيها الإباحة إلا ما حرمه اللَّه. مسألة إن كل بدعة فى الدين ضلالة محرمة هذا مما أجمع عليه الصحابة والسلف الصالح ولم تنتشر البدع إلا بعد القرون الثلالة الفاضلة حين صارت للروافض والقرامطة دولة وكثرت الطرق الصوفية النكدة. إن ما اعتاده بعض الناس أو حتى أكثرهم فى بلاد المسلمين من الإقرار ببعض البدع وعملهم لها وسكوت بعض العلماء عنها وعمل بعضهم لها ودعوة آخرين لها كل هذا لا يصلح دليلًا على أنها بدع حسنة ومقبولة ومرضية فى دين اللَّه لأن الدليل المجمع عليه إنما هو كتاب اللَّه أو سنة رسوله وسنة الخلفاء الراشدين والإجماع وهذه الأصول كلها تبطل البدع أما مجرد أعمال وأقوال تصدر من بعض المسلمين أو أكثرهم وإن سموا علماء فهذا لا يصير دليلا بالإجماع. استدل بعضهم على أن بعض البدع حسنة فى الدين بقول عمر فى صلاة التراويح (نعمت =