للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصوت الذي يشبه نباح الكلاب، لأنهم تراموا بالنبل حتى فنيت وتطاعنوا بالرماح حتى اندقت، وتضاربوا بالسيوف حتى انقضت، ثم نزل القوم يمشي بعضهم إلى بعض وقد كسروا جفان سيوفهم، وتضاربوا بما بقي من السيوف، وعمد الحديد، فلا يسمع إلا غمغمة القوم والحديد في السهام، ثم تراموا بالأحجار، ثم جثوا على الركب فتحاثوا بالتراب، ثم تكادموا بالأفواه، وكسفت الشمس (١)؛ وثار القتام وارتفع الغبار، وضلت الألوية والرايات، ومرت مواقيت أربع صلوات، لأن القتال كان من بعد صلاة الفجر إلى ما بعد نصف الليل، وكان ذلك في ربيع الأول من سنة سبع وثلاثين، كما في تاريخ سيدنا الإمام أحمد بن حنبل (٢).

وكان مع معاوية من أهل الشام مائة ألف وخمسة وثلاثون ألفًا كما ذكره الزبير ابن بكار (٣).

واستشهد في صفين أبو اليقظان عمار بن ياسر رضي اللَّه عنه وكان مع علي وكان عمر عمار يومئذ ثلاثًا وتسعين عامًا وهو الطيب المطيب (٤) وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "تقتلك الفئة الباغية" رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري


(١) كسوف الشمس هذا -إن صح- فلعله بسبب الغبار والقتام الذي يحجب رؤية الشمس وعلى فرض صحته فليس بسبب هذه الواقعة وما جرى فيها لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر أن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وانظر التعليق (٢/ ١٣).
(٢) التاريخ للإمام أحمد، ذكره ابن الجوزي، والذهبي، وغيرهم في مؤلفات الإمام أحمد.
(٣) انظر: التذكرة للقرطبي (٦٤٢ - ٦٤٣) والبداية (٧/ ٢٥٢) وما بعدها والكامل (٣/ ١٤١).
(٤) روى الترمذي من حدث علي رضي اللَّه عنه قال: "جاء عمار بن ياسر يستأذن على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إئذنوا له مرحبًا بالطيب المطيب" أخرجه الترمذي رقم (٣٧٩٨) وقال حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>