للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة، لأنهم يزعمون أنه إذا نقص لزم ذهابه كله عندهم إن كان متبعضًا متعددًا عند من يقول بذلك وهم الخوارج والمعتزلة.

وأما الجهمية فهو واحد عندهم، فلا يقبل التعدد فيثبتون واحدًا لا حقيقة له كما قالوا مثل ذلك في وحدانية الرب عز وجل ووحدانية صفاته عند من أثبتها منهم.

والأصل الذي أوقعهم في هذا اعتقادهم أنه لا يجتمع في الإنسان بعض الكفر وبعض الإيمان أو ما هو كفر وما هو إيمان. وزعموا أن هذا متفق عليه بين المسلمين كما ذكر ذلك أبو حسن الأشعري وغيره من النظار (١).

ولأجل اعتقادهم هذا الإجماع وقعوا فيما هو مخالف للإجماع الحقيقي إجماع السلف الذي ذكره غير واحد من الأئمة، بل وصرح غير واحد بكفر من قال بقول جهم في الإيمان (٢).

قال شيخ الإسلام: وقد قال لي بعضهم مرة الإيمان من حيث هو إيمان لا يقبل الزيادة والنقصان فقلت له: قولك من حيث هو كقولك (الإنسان) (٣) من حيث (هو) (٣) إنسان، و (الحيوان) (٣) من حيث (هو) (٣) حيوان و (الوجود) (٣) من حيث هو وجود فتثبت (٤) لهذه المسميات وجودًا مطلقًا عن جميع القيود والصفات


(١) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٢١٤ - ٢١٧).
(٢) انظر: الإيمان لشيخ الإسلام (ص ٣٨٧).
(٣) ما بين الأقواس زيادة من كتاب الإيمان لابن تيمية (ص ٣٨٨) ومنه ينقل المؤلف وبها يتضح الكلام.
(٤) في النسختين: فثبت لهذه المسميات وجودًا مطلقًا.
والمثبت من كتاب الإيمان لابن تيمية (٧/ ٤٠٥) ضمن مجموع الفتاوى وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>