وهذا لا حقيقة له في الخارج وإنما هو شيء يقدره الإنسان في ذهنه كما يقدر موجودًا لا قديمًا ولا حادثًا ولا قائما بنفسه ولا بغيره والماهيات من حيث هي هي شيء يقدر في الأذهان لا في العيان.
وهكذا تقدير إيمان لا يتصف به مؤمن بل هو مجرد عن كل قيد، بل ما تم إيمان في الخارج إلا مع المؤمنين كما لا (١) ثم إنسانية في الخارج إلا ما أتصف بها الإنسان.
فكل إنسان له إنسانية تخصه، وكل مؤمن له إيمان يخصه فإنسانية زيد تشبه إنسانية عمرو، وليست هي هي والاشتراك إنما هو في أمر كلي مطلق يوجد في الأذهان دون الأعيان، فلا وجود له في الخارج إلا في ضمن أفراده، فإذا قيل إيمان زيد مثل إيمان عمرو فإيمان كل واحد يخصه، وذلك الإيمان يقبل الزيادة والنقصان، ومن نفى التفاضل تصور في نفسه إيمانًا مطلقًا كما يتصور إنسانًا مطلقًا، ووجودًا مطلقًا عن جميع الصفات المعينة له ثم يظن أن هذا هو الإيمان الموجود في الناس، وذلك لا يقبل التفاضل بل لا يقبل في نفسه التعدد إذْ هو تصور معين قائم في نفس متصوره.
ولهذا يظن كثير من هؤلاء أن الأمور المشتركة في شيء واحد هي واحدة في الشخص والعين حتى انتهى الأمر بطائفة من علمائهم علمًا وعبادة إلى أن جعلوا الوجود كذلك فتصوروا أن الموجودات مشتركة في مسمى الوجود وتصوروا هذا في أنفسهم فظنوه في الخارج كما هو في أنفسهم ثم ظنوا أنه اللَّه تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا".
فجعلوا رب العالمين هو هذا الوجود الذي لا يوجد قط إلا في نفس متصوره لا