للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان ومقتضاه بمنزلة السبب مع المسبب ولا يجعلونها لازمة له.

والتحقيق أن إيمان القلب التام يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة ويمتنع أن يقوم كالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر" (١).

قال شيخ الإسلام -روح اللَّه روحه- (٢): "ولهذا صاروا يقدرون مسائل يمتنع وفوعها لعدم تحقق الارتباط الذي بين البدن والقلب مثل قولهم: رجل في قلبه من الإيمان مثل ما في قلب أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- وهو لا يسجد للَّه تعالى سجدة ولا يصوم رمضان ويزنى بأمه وأخته ويشرب الخمر نهار رمضان، فيزعمون أن هذا مؤمن تام الإيمان فيبقى سائر المؤمنين ينكرون ذلك غاية الإنكار" (٣) ويعدون مثل هذا أنه يلعب بدينه ويهزأ بإيمانه.

ولهذا قال الناظم -رحمه اللَّه تعالى: (ولا تك مرجئا لعوبًا بدينه) ولعوب من أبنية المبالغة.

أي كثير اللعب واللعب ضد الجد.

وفي الحديث: "لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبًا جادًا" (٤) أي يأخذه ولا


(١) الإيمان لابن تيمية (ص ١٨٤، ١٩٢) باختصار.
(٢) كذا في الأصل وفي "ظ": "ابن تيمية" وهو المقصود.
(٣) نهاية كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الإيمان (ص ١٩٢).
(٤) رواه أحمد في المسند (٤/ ٢٢١)؛ وأبو داود رقم (٥٠٠٣) في الأدب، باب من يأخذ الشيء على المزاح؛ والترمذي رقم (٢١٦٠) في الفتن من حديث يزيد بن السائب وجاء في رواية أبي داود: لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًا".
قال الخطابي معناه: أن يأخذه على وجه الهزل وسبيل المزاح ثم يحبسه عنه ولا يرده فيصير بذلك جدًا". معالم السنن (٧/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>