للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا رَخَمًا (قَاظَ) (٦) عَلَى مَطْلُوبْ ... يُعْجِلُ كَفَّ الْخَارِئِ الْمُطِيبْ

وَالْمُطيبُ: هُوَ الَّذِى يُنَقِّى مَوْضِعَ الاسْتِنْجَاءِ (٧) مِنْ أَثَرِ الْغَائِطِ وَيُنَظِّفُهُ. وَقَدْ ذَكرْنَا أَنَّ "الْخَلَاءَ" أَصلُهُ: الْمَوْضِعُ (٨) الْخَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَسُمِّىَ بِهِ الْخَارِجُ مِنَ الإِنْسَانِ.

قَوْلُهُ (٩): "الْخُبُثِ والْخَبَائِثِ" يُرْوَى بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا. قَالَ أَبو بَكْرِ بْنِ الأنْبَارِي (١٠): الْخُبْثُ: الْكُفْرُ، وَالْخَبَائثِ: الشَّيَاطِينُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمَ: الْخُبُثُ بِضَمِّ الْبَاءِ: جَمْعُ الْخَبِيثِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الشَّيَاطِينَ وَالْخَبَائِثُ: جَمْعُ خَبِيثَة، وَهِيَ الأنثَى مِنَ الشَيَاطِينِ (١١) وَفِي الْحَدِيثِ "أعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ" (١٢) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (١٣): الْخَبِيثُ: ذُو الْخُبْثِ فِي نَفْسِهِ، وَالْمُخْبِثُ: الَّذِى أعْوَانُهُ خُبَثَاءُ، كَمَا يُقَالُ: قَوِىٌّ مُقْوٍ، فَالْقَوِيُّ فِي نَفْسِهِ وَالْمُقْوِيُّ: أنْ تَكُونَ (دَابَّتُهُ) (١٤) قَويًّة. قَالَ أبُو بَكْر (١٥): يُقَالُ: رَجُلٌ مُخبِثٌ: إِذَا كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخُبْثَ. وَأجَازَ بَعْضُهُمْ أن يُقَالَ: رَجُل مُخْبِثٌ لِلَّذِي (١٦) يَنْسُبُ النَّاسَ إلَى الْخُبْثِ. قَالَ الْخَطَابِىُّ (١٧): الْخُبُثُ: مَضْمُومَةُ الْبَاءِ: جَمْعُ خَبِيثٍ، وَأمَّا الْخَبَائِثُ فَإنَّهُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ. وَأمَّا الخُبْثُ سَاكِنَةُ الْبَاءِ فهُوَ (١٨) مَصْدَرُ خَبُثَ الشَّىْءُ يَخْبُثُ خُبْثًا، وَقَد يُجْعَلُ اسمًا قَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: الْخُبْثُ: الْمَكْرُوهُ، فَإنْ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ، فَهُوَ الشَّتْمُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمِلَلِ، فَهُوَ الْكُفْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الطَّعَام، فَهُوَ الْحَرَامُ.

قَوْلُهُ: "غُفْرَانَكَ" (١٩) هُوَ مَصْدَرٌ كَالشُّكْرَانِ والْكُفْرَانِ (٢٠). وَأصْلُ الْغَفْرِ: السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ المِغْفَرُ، لِتَغْطِيَتِهِ الرَّأسَ وَالْمَغْفِرَةُ: سَتْرُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ وَتَغْطِيَتُهُمْ. وَالْغَفُورُ: السَّاتِرُ. وَمَعْنَى طَلَبِ الْغُفْرَانِ هَا هُنَا، لأنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ اللهِ عَامِدًا، وَفِيمَا سِوَاهُ يَتركُهُ نَاسِيًا (٢١)، وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أيْ: أطْلُبُ غُفْرَانَكَ (٢٢).

قَوْلُهُ: "وَعَافَاني" لِأنَّ احْتِبَاسَ الْأذَى فِي الْجَوْفِ عِلَّةٌ مُتْلِفَةٌ، فَيَحْمَدُ (٢٣) اللهَ تَعَالَى عَلَى الْعَافِيَةِ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: "فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ" (٢٤) أَيْ: يَطْلُبُ. والرَّائِدُ: الطَّالِبُ، أَيْ: يَطْلُبُ مَوْضِعًا مُتَسَفِّلًا (٢٥)


= السَّماء ينتظر قيام المتغوط ليأكل غوطه. وَقَاظَا أَيْ قَامَ عَلَى الْقَيْظِ وَهُوَ حَمْرَاءُ الصَّيْفِ. ومطلوب موضع.
(٦) في ح: قَاض.
(٧) ع: والمستنجى يطيب موضع الاستنجاء: تحريف.
(٨) ع: اسم للموضع.
(٩) في المهذب ١/ ٢٥: ويستحب أن يقول: اللَّهُمَّ إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث، لما روى أنس (ر) أن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال ذلك.
(١٠) في الزاهر ٢/ ١٤٧.
(١١) تهذيب اللغة ٧/ ٣٣٧ واللسان (خبث ١٠٨٨).
(١٢) صحيح مسلم ١/ ٢٨٣ والترمذي ١/ ١٩ وسنن ابن ماجة ١/ ١٠٨ والنسائي ١/ ٢٠ وغريب أبي عبيد ٢/ ١٩٢ والفائق ١/ ٣٤٨ والنهاية ٢/ ٦.
(١٣) في غريب الحديث ٢/ ١٩٢.
(١٤) خ: ذاته. والمثبت من ع وغريب الحديث.
(١٥) في الزاهر ٢/ ١٤٧.
(١٦) ع: الذى: تحريف.
(١٧) في إصلاح خطأ المحدثين ومعالم السنن ١/ ١٠،١١.
(١٨) ع: فَإنه.
(١٩) في المهذب ١/ ٢٦: كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا خرج (من الخلاء) "غفرانك الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى" وانظر تحفة الأحوذي ١/ ٤٩ ومعالم السنن ١/ ٢٢ والنهاية ٣/ ٢٧٣.
(٢٠) الكتاب ١/ ٣٢٤.
(٢١) ع: ساهيا.
(٢٢) الفاخر ١٣٤ والزاهر ١/ ١٠٩ وغريب الخطابى ٢/ ١٥٩.
(٢٣) ع: فحمد.
(٢٤) في المهذب ١/ ٢٦: روى أبو موسى الأشعرى (ر) أن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله" وانظر الحديث في معالم السنن ١/ ١٠ وغريب الحديث ٢/ ١٩٣ والفائق ١/ ٤٣٨ والنهاية ٢/ ٢٧٩.
(٢٥) ع: لَيِّنًا. وفي غريب الحديث: مكانا لينا منحدرًا ليْسَ بصلب فينتضح عليه أو مرتفعا فيرجع إليه. وكذا في الفائق والنهاية.