للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: "تَحَلَّلَ بِعِلَّةٍ" (٢٢) أَيْ: نَزَلَ وَذَابَ كَمَا يَتَحَلَّلُ الشَّحْمُ وَالشَّمْعُ. وَ"تَحُت المَنِىَّ" (٢٣) ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: "دَم غَيرُ مَسْفُوحٍ" (٢٤) أَيْ: جَارٍ (٢٥)، وَسُمِّىَ الزِّنَا سِفَاحًا؛ لإبَاحَةِ (٢٦) الزَّانِييْن مَا أُمِرَا بِتَحْصِينِهِ وَمَنْعِهِ وَتَصْيِيرِهِمَا لَهُ كَالْمَاءِ الْمَسْفُوحِ الْمَصْبُوبِ. وَمَنْ. قَالَ: لِسَفْحِ الزَّانِيَيْن نُطْفَتهِمَا، فَقَدْ أَبْطَلَ، لِأنَّ الْمُتَنَاكِحَيْنِ يَسْفَحَانِهِمَا (٢٧) كَمَا يَسْفَحُهُمَا الزَّانِيَانِ (٢٨).

قَوْلُهُ (٢٩): {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (٣٠) الْمَيْسِرُ: القِمَارُ (٣١) وَالأنْصَابُ: جَمْعُ نَصْبٍ (٣٢)، وَهُوَ مَا نُصِبَ فَعُبِدَ مِن دُونِ اللهِ (٣٣)، وَكَذَا (٣٤) النُّصْبُ بِالضَّمِّ، وَقَدْ يُحَرَّكُ، قَالَ (الْأعْشَى) (٣٥):

وَذَا النُّصُبَ الْمَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنَّهُ ... لِعَاقِبَةٍ وَاللهَ رَبَّكَ فَاعْبُدَا (٣٦)

وَالأزْلَامُ: وَاحِدُهَا: زُلَمٌ مِثْلُ عُمَر (٣٧)، وَهِىَ السِّهَامُ الَّتِى كَانَ أهْلُ الْجَاهِلَيَّةِ يَستقْسِمُونَ بِهَا.

قَوْلُهُ (٣٨): "رِجْسٌ" أَيْ: نَجِسٌ.

قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَفَتْهَا" (٣٩) أَيْ: جَاءَتْ بَعْدَهَا. يُقَالُ: خَلَفَهُ: إذَا جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَمِنْهُ سُمِّىَ الْخَلِيَفَةُ. وَخَلَفَ عَلَى الْمَرأَةِ: إِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أوَّلٍ (٤٠).

قَوْلُهُ: "أهْرِقْهَا" (٤١) يُقَالُ: "هَرَاقَ الْمَاءَ يُهَرِيقُهُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ صَبَّهُ. وَأَصلُهُ أَراقَ يُرِيقُ إرَاقَةً. قَالُوا ذَلِكَ اسْتِثْقَالًا لِلْهَمْزَةِ (٤٢). وَفِيهِ لُغَة أخْرَى: أهْرَقَ الْمَاءَ يُهْرِيقُهُ عَلَى أفْعَلَ يُفْعِلُ. قَالَ سيبويه: (ابْدَلُوا مِنَ الْهَمْزَةِ الْهَاءَ (٤٣) ثُمَّ لَزِمَتْ فَصَارَتْ كأنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، ثُمَّ أُدْخِلَت الهَمْزَةُ بَعْدَ الْهَاءِ، وَتُرِكَتْ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِم [حَرَكَةَ] (٤٤) الْعَيْن؛ لِأنَّ أَصْلَ أهْرَقَ: أرْيَقَ. وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ: أهْرَاقَ يُهْرِيقُ إهْرَاقًا فَهُوَ مُهْرِيقٌ، وَالشَّىْءُ مُهْرَاقٌ، وَمُهَرَاقٌ بِالتَّحْرِيِكِ، وَهَذَا شَاذٌّ (٤٥).


= ١٠٥٤ - ١٠٦١).
(٢٢) في ماء القروح: أنّه طاهر كالعرق وقيل نجس؛ لأنّه تحلل بعلة فهو كالقيح. المهذب ١/ ٤٧.
(٢٣) روى عن عائشة أنها كانت تحت المنى من ثوب رسول الله. المهذب ١/ ٤٧.
(٢٤) في العلقة: قال أبو بكر الصيرفى. هى طاهرة؛ لأنّها دم غير مسفوح فهو كالكبد والطحال. المهذب ١/ ٤٧.
(٢٥) أبو عبيدة: المسفوح: المهراق المصبوب ومنه قولهم: سفع دمعى أى سال. مجاز القرآن ١/ ٢٠٧ وانظر تفسير غريب القرآن ١٦٢ والعمدة في غريب القرآن ١٣١.
(٢٦) خ: لإباحته: تحريف.
(٢٧) ع: يسفحانها.
(٢٨) أنظر معانى الزجاج ٢/ ٣٧ وتهذيب اللغة ٤/ ٣٢٦ واللسان (سفح ٢٠٢٣).
(٢٩) في المهذب ١/ ٤٧: وأما الخمر فهو نجس لقوله عز وجل {إِنَّمَا الْخَمْرُ. . .} الآية.
(٣٠) سورة المائدة آية ٩٠.
(٣١) الفراء: القمار كله. معانى القرآن ١/ ٣١٩ وتفسير غريب القرآن ١٤٥.
(٣٢) وقيل: هو جمع واحده نصاب. المصباح (نصب).
(٣٣) كتاب الأصنام ٣٣ وانظر معانى الفراء ١/ ٣١٩ وتفسر غريب القرآن ١٤٦.
(٣٤) خ: وكذلك.
(٣٥) ساقط من خ.
(٣٦) الديوان ١٧ والرواية: وَلَا تَعْبُدِ الشَّيطَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا. والمثبتَ تبعا للصحاح واللسان (نصب).
(٣٧) زلم وزلم كعمر وقلم، بالضم والفتح كما في المصباح والصحاح واللسان (زلم) وتفسير غريب القرآن ١٤١.
(٣٨) خ: وقوله.
(٣٩) في تحول الخمر إلى خل: تطهر، وقد زال فسادها من غير نجاسة خلفتها. المهذب ١/ ٤٨.
(٤٠) ع: الأول.
(٤١) خ: فأهرقها. وفي المهذب ١/ ٤٨: روى أن أن طلحة سأل رسول - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرا فقال: أهرقها. قال: أفلا أخللها قال لا.
(٤٢) لأن الأصل في يريق يؤريق، فقبوا الهمزة هاء تخفيفا ولذلك حركت الهاء. تهذب اللغة ٥/ ٣٩٦ واللسان (هرق ٤٦٥٤) والصحاح والمصباح (هرق).
(٤٣) ع، خ: أبدلوا الهمزة من الهاء. والمثبت من الكتاب ٤/ ٢٣٨ واللسان.
(٤٤) تكملة من اللسان.
(٤٥) ذكره في اللسان عن ابن برى.