للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ الَّذِى أَرَادَ الشَّيخُ. وَمَعْنَى زَالَتِ الشَّمْسُ: أَى انْحَطَّتْ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، وَمَالَتْ إلَى المَغرِبِ وَالْفَىْءُ يَكُونُ فِي زَمَانٍ دُوْن زَمَانٍ، وَبِلَادٍ دُوْن بِلَادٍ. وَأصْلُ الْفَىءِ: الرُّجُوعُ، يُقالُ: فَاءَ إِذَا رَجَعَ وَسُمِّىَ الظِّلُّ فَيْئًا؛ لِأنَّهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ. وَالْفَىْءُ: الْغَنِيمَةُ أيْضًا، كِلَاهُمَا سَوَاءٌ. بِالْهَمْزِ (١٠).

قَؤلُهُ: "الْعَتَمَةُ" (١١) قَالَ الْخلِيلُ (١٢): الْعَتَمَةُ: الثُّلُثُ الأوَّلُ مِنَ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ. وَقَدْ عَتَمَ اللَّيْلِ يَعْتِمُ، وَعَتَمُهُ: ظَلَامُهُ. وَالْعَتَمَةُ أيْضًا: بَقِيَّةُ اللَّبَنِ تُفِيقُ بِهِ النَّعَمُ تِلْكَ السَّاعَةِ (١٣)، يُقَالُ: حَلَبْنَا عَتَمَةً. وَالْعَتُومُ: النَّاقَةُ الَّتِى لَا تَدِرُّ إِلَّا عَتَمَة، يُقَالُ جَاءَنَا ضَيْفٌ عَاتِمٌ (١٤). وَقِرَئ عَاتِمٌ، أيْ: بَطِىءٌ، وَقَدْ عَتَّمَ قِرَاهُ: أَيْ أَبْطَأ (١٥). وَأصْلُهُ: ذَلِكَ الْوَقْتُ.

وَأمَّا الشَّفقُ: فَهُوَ بَقِيَّةُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَحُمْرَتُهَا فِي أوَّل اللَّيْلِ إلى قَرِيبٍ مِنَ الْعَتَمَةِ. وَقَالَ الخَلِيلُ (١٦): الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، فَإِذَا ذَهْبَ قِيلَ: غَابَ الشَّفَقُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ (١٧): سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: عَلَيْهِ ثَوْبٌ [مَصْبُوغٌ] (١٨) كَأنَّهُ الشَّفَقُ، وَكَانَ أحْمَرَ (١٩). وَالعِشَاءَانِ: الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: عِشَاءُ الآخِرةِ.

قَوْلُهُ (٢٠): "شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" مَأخُوذٌ مِنْ فَاحَ الطِّيبُ: إِذَا تَضَوَّعَ، يُقَالُ: فَاحَتْ رِيحُ الْمِسكِ تَفِيحُ وَتَفُوحُ فَيْحًا وَفَوَحَانًا: إِذَا ظَهَرَتْ. وقالَ اللَّيْثُ (٢١): الْفَيْحُ: سُطُوعَ الْحَرِّ. يُقَالُ: فَاحَتِ الْقِدْرُ تَفِيحُ: إِذَا غَلَت. وَفَاحَتْ الشَّجَّةُ: إذَا نَفَخَتْ بِالدَّمِ (٢٢).

قَوْلُهُ: "خُضَّتْ بِالتَثْوِيبِ" (٢٣) التَّثْوِيبُ: قَوْلُ الْمُؤَذنِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِّنَ النَّوْمِ، (٢٤). وَمَعْنَى التَّثْوِيبِ: الرجُوعُ؛ لِأنَّهُ رَجَعَ إلَى ذِكْر الصَّلَاةُ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْهُ في قَوْلِهِ: حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ.

(٢٥) "ويُقَالُ": ثَابَ إلَى الْمَكَانِ: إذَا رَجَعَ. وَفِى الْمَثَلِ: "ثَابَ الفَهْمُ بَعْدَ مَا نَفَذَ السَّهْمُ" (٢٦) قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ} (٢٧) أَيْ: يَرْجِعُونَ إلَيْهِ بِحَجِّهِمْ وَعُمْرَتِهِمْ.

وَأنْشَدَ الشَّافِعِىُّ (٢٨):

مَثَابًا لِأفْنَاءِ الْقَبَائِلِ بَعْدَمَا ... تَخُبُّ إلَيْهِ الْيَعْمَلَاتُ الذَّوَابِلُ


= ورواية الخطابى وابن السكيت كما هنا وبدل (شمس) برد. وكذا في الصحاح واللسان (فيأ).
(١٠) مجاز القرآن ١/ ٧٣، ٢/ ٧٢، ٢١٩ والمراجع السابقة.
(١١) في المهذب ١/ ٥٢: ويكره أن يسمى العشاء: العتمة.
(١٢) في العين ٢/ ٨٢.
(١٣) والعرب يقولون: استعتموا نعمكم حتّى تفيق ثمّ احتلبوها. تهذيب اللغة ٢/ ٢٨٨ والمحكم ٢/ ٤٥ والصحاح واللسان (عتم).
(١٤) في المحكم ٢/ ٤٥: أى مقيم.
(١٥) السابق واللسان (عتم ٢٨٠٣).
(١٦) العين ٥/ ٤٥ وذكره الفيومى في المصباح (شفق) وابن منظور عن التهذيب في اللسان (شفق ٢٢٩٢).
(١٧) في معان القرآن ٣/ ٢٥١.
(١٨) تكملة من معانى القرآن.
(١٩) نصّ الفراء: الشفق: الحمرة. وكان بعض الفقهاء يقول: الشفق: البياض؛ لأن الحمرة تذهب إذا أظلمت. وإنما الشفق البياض الذى إذا ذهب صلّيت العشاء الآخرة. والله أعلم بصواب ذلك وسمعت. . . إلخ. وعن الزجاج: الشفق: النهار، وبه فسر قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} وعن أبي هريرة أنه البياض، وبه قال أبو حنيفة لكنه رجع عنه. وهو الحمرة التى ترى بعد مغيب الشمس عند ابن قتيبة. تفسير غريب القرآن ٥٢١ أنظر المحكم ٦/ ١٠٧ والمصباح والمغرب (ضفق) وقيل: هو من الأضداد يقع على الحمرة وبه أخذ الشافعى وعلى البياض وبه أخذ أبو حنيفة أنظر اللسان (شفق ٢٢٩٢).
(٢٠) - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم، المهذب ١/ ٥٣ والحديث في البخارى مواقيت ١/ ١٤٢ ومسند أحمد ٢/ ٢٢٩ وغريب الخطابى ٣/ ٢٥٨، والنهاية ٣/ ٤٨٤.
(٢١) تهذيب اللغة ٥/ ٢٦٢ والعين ٣/ ٣٠٧.
(٢٢) تهذيب اللغة عن الأصمعي وأبى زيد ٥/ ٢٦٢، والمحكم ٣/ ٣٤٦ واللسان (فيح ٣٤٩٧).
(٢٣) في المهذب ١/ ٥٣ الصُّبح يدخل وقتها والناس في أطيب نوم. . . ولهذا خصت بالتثويب.
(٢٤) الزاهر ١/ ١٤٣.
(٢٥) خ: الذى.
(٢٦) لم أعثر بعد على هذا المثل.
(٢٧) سورة البقرة آية ١٢٥.
(٢٨) ذكره الأزهرى في شرح ألفاظ المختصر لوحة ٢٤ وتهذب اللغة ١٥/ ١٥١ وفيه: =