للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُقَالُ لِمَنْ وَجَدَ الْقَضَاءَ: غَارِمٌ، وَإِنْ كَانَ مُثْقَلًا بِالدَّيْنِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِقَوْلِهِ صَلُّى الله عَلَيْهِ وَسَلُّمَ: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا لِثَلَاثَة (٥٥) " فَذَكَرَ - الْغَارِمَ.

فِى سَبِيلِ اللهِ: هُمُ الْمُجَاهِدُون (٥٦). وَسُمِّىَ الْجِهَادُ: فِى سَبِيلِ اللهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِقطْعِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيرِ إِلَى مَوْضِعِ الْجِهَادِ. وَأُضِيفَ إِلَى اللهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ.

وَابْنُ السَّبِيلِ: هُوَ الْمُسَافِرُ (٥٧). وَالسَّبِيلُ: هَوَ الطَّرِيقُ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ بِالْبُنُوَّةِ، لِمُلَازَمَتِهِ. لَهُ (٥٨) وَاشْتِغَالِهِ بِهِ، كَمَا يُقَالُ لِلْعَالِمِ بِالأُمُورِ: ابْنُ بَجْدَتِهَا، وَأَبْنَاءُ الدُّنْيَا: لِلْمُتْرَفِينَ وَالْمَشْغُولِينَ بِهَا. وَفُلَانٌ ابْنُ الْجُودِ وَابْنُ الْكَرَمِ: إِذَا كَانَ جَوَادًا كَرِيمًا، كَمَا يُقَالُ: هُوَ أَخُو الْجُودِ وَرَضِيعُهُ، كُلُّ ذَلِكَ لِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِيهِ.

وَالْمُوَاسَاةُ (٥٩): أَنْ تَجْعَلَهُ إِسْوَتَهُ فِى مَالِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (٦٠).

قَوْلُهُ: "وَيُعْطى الْحَاشِرُ" (٦١) هُوَ الَّذِى يَجْمَعُ الْمَوَاشى إلَى الْمُصَدِّقِ عِنْدَ الْمَاءِ، أَوْ إِلَى (مَوْضِعِهِ) (٦٢) وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْعَثْ فِى الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} (٦٣) أَىْ: يَجْمَعُونَ النَّاسَ، وَيَوْمُ الْحَشْرِ: يَوْمُ الْجَمْعِ.

وَالْعَرِيفُ: فَعِيلٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ الَّذِى يَعْرِفُ أَرْبَابَ الْمَوَاشِى، وَحَيْثُ يَنَتَجِعُونَ مِنَ الْبِلَادِ، وَكَمْ عَدَدُ مَوَاشِيهِمْ، وَيُحِيطُ بِهِمْ خِبْرَةً.

قَوْلُهُ: "أوْ بِضَاعَةٍ يَتَّجِرُ فِيهَا" (٦٤) قَالَ الْجَوهَرِىُّ: الْبِضَاعَةُ: طَائِفَةٌ مِنْ مَالِكَ تَبْعَثُهَا لِلتِّجَارَةِ، يُقَالُ: أَبْضَعْتُ الشَّيْىَء وَاسْتَبْضَعْتُهُ: أَىْ: جَعَلْتَهُ بِضَاعَةً، وَفِى الْمَثلِ: "كَمُسْتَبْضِعِ تَمْرٍ إِلَى هَجَرَ" (٦٥)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} (٦٦) مِنْ هَذَا، وَ {مُزْجَاةٍ} قَلِيلَةٍ (٦٧).

قَوْلُهُ (٦٨): "صَعَّدَ بَصَرَهُ (٦٩) (٧٠) فِيهِمَا وَصَوَّبَ" أَىْ: رَفَعَهُ وَخَفَضَهُ يَتَأَمَّلُ قُوَّتَهُمَا أَوْ ضَعْفَهُمَا، هَلْ يَقْدِرَانِ عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ الْهَيْئَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْغِنَى.

قَوْلُهُ: "لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ" (٧١) أَصْلُ الْبَيْنِ: الْبُعْدُ وَالْفِرَاقُ، يُقَالُ: بَان الرَّجُلُ عَنْ صَاحِبِهِ وَعَنْ


(٥٥) فى معالم السنن ٢/ ٦٣: عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تحل الصدقة لغنى إِلا لخمسة: لغاز فى سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغنى وانظر غريب الخطابى ١/ ١٤٣.
(٥٦) معانى الفراء ١/ ٤٤٤ ومعانى الزجاج ٢/ ٥٠٥.
(٥٧) الفراء: هو المنقطع به والضيف. الزجاج: وتأويله: هو الذى قطع عليه الطريق.
(٥٨) له: ساقطة من ع.
(٥٩) فى المهذب ١/ ١٧١: سهم للعامل وهو أول ما يبدأ به لأنه يأخذه على وجه العوض وغيره يأخذه على وجه المواساة.
(٦٠) ص ١٣٩.
(٦١) فى المهذب ١/ ١٧١: ويعطى الحاشر والعريف من سهم العامل؛ لأنهم من جملة العمال.
(٦٢) ح: موضع.
(٦٣) سورة الشعراء آية ٣٦.
(٦٤) فى المهذب ١/ ١٧١: يدفع إليه (الفقير) ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة أو بضاعة يتجر فيها.
(٦٥) فصل المقال ٤١٣، ٤١٤ وذلك أن هجر معدن التمر، ويقال: كمستبضع التمر إلى خيبر. مجمع الأمثال ٣/ ٣٩.
(٦٦) سورة يوسف آية ٨٨.
(٦٧) مجاز القرآن ١/ ٣١٧ ومعانى القرآن ٢/ ٥٥ وتفسير غريب القرآن ٢٢٢ وتفسير الطبرى ١٣/ ١٣.
(٦٨) قوله: ليس فى ع، فى المهذب ١/ ١٧١: روى أن رجلين سألا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصدقة فصعد ببصره إليهما وصوب، وقال: أعطيكما بعد أن أعلمكما أنه لاحظ فيها لغنى ولا قوى مكتسب.
(٦٩) خ: نظره.
(٧٠) كذا فى ع وخ وفى المهذب إليهما.
(٧١) فى المهذب ١/ ١٧٢: وسهم للغارمين وهم ضربان ضرب غرم لإصلاح ذات البين وضرب غرم لمصلحة نفسه.