للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فصل علماء العربية أنواع التسهيل هذه على النحو الآتى، مختصرا.

(١) إذا سكنت الهمزة وأريد تسهيلها، فإن فتح ما قبلها: صارت ألفا، وإن ضم ما قبلها: صارت واوا، وإن كسر ما قبلها: صارت ياء، نحو راس في رأس، وقرات في قرأت، وجُونة في جؤنة، وسُوتُ في سؤت وذيب في ذئب، وجيت في جئت، وقد قعدوا هذا وجعلوه قياسا مطردا في أمثاله (١).

(٢) إذا تحركت الهمزة، فإن سكن ما قبلها صحيحا: ألقيت حركتها على ما قبلها، وحذفت، كمسلة في مسألة، والمرة في المرأة. وإن كان ما قبلها ياء أو واو مد زائدتين: قلبت إليهما، وأدغم أحد الحرفين في الآخر، كخطية في خطيئة، ومقروة في مقروءة، والنبى في النبىء. وتجرى ذلك على ياء التصغير كأفيِّس في أفيئس (٢).

وإذا تحركت، وتحرك ما قبلها،. وأريد تخفيفها، فحكمها أن تجعل بين بين، أى: بين مخرج الهمزة، وبين مخرج الحرف الذى منه حركة الهمزة، وفي هذا إضعاف لنبرة الهمز الثقيل، وبقية منه تدل عليه. فإن كانت مفتوحة، وفتح ما قبلها: جعلت بين الهمزة والألف، كسال في سأل وقرا في قرأ، فإن ضم ما قبلها: فإنها تفسير بين الهمزة والواو، كجون في جؤن. وإن كسر ما قبلها: صارت بين الهمز والياء كبير في بئر.

وإن كانت مكسورة وقبلها متحرك، وأريد تخفيفها: جعلت بين بين، سواء كانت الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة، مثل: سَيِمَ في سَئِمَ، وسُيِل في سُئِلَ.

وإذا كانت مضمومة، وتحرك ما قبلها بالفتح، أو الكسر، أو الضم: تجعل كذلك بين بين، فتقرب من الواو الساكنة كلُوم في لُؤْم، ورُوس في رُوُوس، ويستهزون في يستهزئون (٣). وهذا مذهب سيبويه. وكأن الأخفش يقلب الهمزة المكسورة، المكسور ما قبلها ياء خالصة. وبعض العرب يبدلون همزة بين بين إلى حروف بين خالصة، سواء كانت الفا، أو ياء، أو واوا، كسال، وروس، ومستهزين، وليس هذا بقياس مطرد عند سيبويه (٤).

عود إلى ظاهرة الهمز والتسهيل في النظم المستعذب.

اهتم بن بطال الركبي بالفصل بين المهموز وغير المهموز من الأفعال، فنبه إلى ما يهمز وما لا يهمز وما يجوز فيه الهمز وغيره، وما لا يجوز تسهيله إلا في لغة العامة، ومن ذلك:

في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم، فليلبس ثوبيه فإن الله تعالى أحق من يزين له، فمن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى ولا يشتمل اشتمال اليهود" (٥).

يقول الركبي: قوله "فليتزر" صوابه: فليأتزر بالهمز ولا يجوز التشديد؛ لأن الهمزة لا تدغم في التاء، وقولهم "اتزر" عامى، والفصحاء على ائتزر، وقد لحنوا من قرأ {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} بالتشديد (٧٢).


(١) الكتاب ٣/ ٥٤٣، ٥٤٤. وشرح المفصل ٩/ ١٠٧، ١٠٨: شرح الشافية ٣/ ٣٢، ٣٣.
(٢) شرح المفصل ٩/ ١٠٨، ١٠٩ وشرح الشافية ٣/ ٣٣، ٣٤.
(٣) الكتاب ٣/ ٥٤١ - ٥٤٣ وسر صناعة الإعراب ١/ ٥٣، ٣٤ وشرح المفصل ٩/ ١١، ١١٢ وشرح الشافية.
(٤) المراجع السابقة.
(٥) الفائق ٣/ ٢٦١ والنهاية ١/ ٤٤ والمهذب ١/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>