للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ (٣٥): "فَرَدَّ نَشَرَ الِإسْلَام عَلَى غَرِّهِ" قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (٣٦): النَّشَرُ- بِالتَّحْرِيكِ: الْمُنْتَشِرُ، يُقَالُ: جَاءَ الْقَومُ نَشَرًا، أَىْ: مُنْتَشِرِينَ، وَاكْتَسَى الْبَازِىُّ رِيشًا نَشَرًا، أَىْ (٣٧): طَوِيلًا.

وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الِإسْلَامَ كَانَ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ كَالثَّوْبِ الْمَطْوِىِّ الْمَصُونِ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَالأَقْذَارِ فَلَمَّا مَاتَ، وَارْتَدَّت الْأَعْرَابُ، صَارَ كَالثَّوْبِ إِذَا انْتَشَرَ وَتَدَنَّسَ، فَرَدَّ مَا انْتَشَرَ مِنَ الإِسْلَام إِلَى (حَالَتِهِ) (٣٨) الَّتِى كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، تَعْنِى أَمْرَ الرِّدَّةِ وَكِفَايَةَ أَبيهَا إِيَّاهُ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَيْعُ الْغَرَرِ: مَا كَانَ لَهُ ظَاهِرُ بَيْع (٣٩) يَغُرُّ، وَبَاطِنُهُ مَجْهُولٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَتَاعُ الْغُرُورِ} (٤٠) أَىْ: يَغُرُّ ظَاهِرُهَا، وَفِى بَاطِنِهَا سُوءُ الْعَاقِبَةِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِىُّ (٤١): بَيْعُ الْغَرَرِ: مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ عُهْدَةٍ وَلَا ثِقَةٍ، وَتَدْخُلُ فِيهِ الْبُيُوعُ الَّتِى لَا يُحِيطُ بِكُنْهِهَا الْمُتَبَايِعَانِ، وَمِنْهُ التَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ فِى الْقِتَالِ، إِنَّمَا هُوَ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ.

قَوْلُهُ: "عَنِ الْمُعَاوَمَةِ. وَفِى بَعْضِهَا: عَنْ بَيْعِ السِّنِين" (٤٢) هُوَ أَنْ تَبِيعَهُ ثَمَرَةَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (٤٣): يُقَالُ لِلنَّخْلَةِ إِذَا حَمَلَتْ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ سَنَةً: قَدْ عَاوَمَتْ وَسَانَهَتْ، وَيُقَالُ: عَامَلْتُ فُلَانًا مُعَاوَمَةً، وَمَسَانَهَةً، وَمُسَانَاةً، وَمُيَاوَمَةً، وَمَلايَلَةً، وَمَحَايَنَةً، وَمُشَاتَاةً، وَمُصَايَفَةً، وَمُدَاهَرَةً، وَمُزَامَنَةً. حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِىِّ.

قَوْلُهُ (٤٤): "وَالْفَرَسُ (٤٥) الْعَائِرُ" عَارَ يَعِيرُ: إِذَا ذَهَبَ عَلَى وَجُهِهِ، وَفِى الْحَدِيثِ: "أَصَابَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ" (٤٦) أَىْ: لَا يُدْرَى مَنْ رَمَاهُ، وَفِى حَدِيثٍ آخَرَ: "مَثَلُ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ غَنَمَيْنِ، تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً لَا تَدْرِى أَيَّهَا تَتْبَعُ" (٤٧).

قَوْلُهُ: " الْعَبْدَ الزَّنِجْىَّ" (٤٨) بِفَتْحِ الزَّاىِ، يُقَالُ: زَنْجِىٌّ وَزَنْجٌ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ (٤٩)، وَالْفَتْحُ أَفصَحُ.

قَوْلُهُ: "الْجَرَّةِ (٥٠) مِنَ الدِّبْسُ" الدِّبْسُ: مَا يَذُوبُ مِنَ الرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ فَيَنْعَقِدُ (٥١).


(٣٥) فى المهذب ١/ ٢٦٢: والغرر ما انطوى عنه أمره وخفى عليه عاقبته ولهذا قالت عائشة (ر) فى وصف أبى بكر (ر): فرد نشر الإسلام على غره أى: على طيه.
(٣٦) فى الصحاح (نشر).
(٣٧) أى: ليس فى ع.
(٣٨) خ: حاله.
(٣٩) بيع: ليس فى ع.
(٤٠) سورة آل عمران آية ١٨٥ وسورة الحديد آية ٢٠.
(٤١) فى تهذيب اللغة.
(٤٢) فى المهذب ١/ ٢٦٢: روى جابر (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المعاومة وفى بعضهما عن بيع السنين. وفى خ: قوله "بيع المعاومة. . .".
(٤٣) فى غريب الحديث ١/ ١٩٥.
(٤٤) فى المهذب ١/ ٢٦٣: ولا يجوز بيع ما لا يقدر على تسليمه كالطير فى الهواء أو السمك فى الماء والجمل الشارد والفرس العائر والعبد الآبق والمال المغصوب فى يد الغاصب.
(٤٥) ع: كالفرس.
(٤٦) فى النهاية ٣/ ٣٢٨ "أن رجلا أصابه سهم عائر فقتله".
(٤٧) مسند أحمد ٢/ ٣٢ والنهاية ٣/ ٣٢٨ وغريب ابن الجوزى ٢/ ١٣٨ وقال الخطابى فى غريبة ١/ ٤٨١: عن يعفر بن زوذى: سمعت عبيد بن عمير وهو يقص يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل المنافق مثل الشاة الرابضة بين الغنمين فقال ابن عمر: ويلكم، لا تكذبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المنافق كمثل الشاة الياعرة بين الغنمين" والياعرة من اليعار وهو صوتها.
(٤٨) فى المهذب ١/ ٢٦٣: فإن علم الجنس والنوع بأن قال: بعتك الثوب المروى الذى فى كمى أو العبد الزنجي الذى فى دارى. . . فيه قولان.
(٤٩) فى الصحاح: الزنج: جيل من السودان وهم الزنوج. أبو عمرو: زَنج وزِنج وزَنجى وزِنجى وقال الفيومى: هو بكسر الزاى والفتح لغة. ورواية الصحاح عن ابن السكيت عن أبى عمر فى إصلاح المنطق ٣١ والعين ٦/ ٧١ على الفتح والكسر.
(٥٠) خ: كالجرة. وفى المهذب ١/ ٢٦٤: إذا رأى بعض المبيع دون بعض نظرت فإن كان مما لا يختلف أجزاؤه كالصيرة من الطعام والجرة من الدبس جاز بيعه.
(٥١) جمع التمر والزبيب وفى المعجمات: عسل التمر وعصارته أو ما يسيل منه من غير طبخ. وانظر الصحاح والمصباح (دبى) واللسان (دبس ١٣٢٣).