للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ: "نَافِجَةِ الْمِسْكِ" (٥٢) هِىَ جِلْدَةٌ يَكُونُ فِيهَا الْمِسْكُ، وَأَصْلُهُ: دَمٌ يَجْتْمِعُ فِى بُجْرَةٍ، أَىْ: كِيسٍ فِى سُرَّةِ الظَّبْيَةِ، ثُمَّ يَتَقَوَّرُ وَيَسْقُطُ، وَقَدْ يَبِسَ الدَّمُ فَصَارَ كَالْفُتَاتِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِى طَهَارَتِهِ، وَأَلحَقَهُ بالَّلبَنِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ، وَلِأنَّهُ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ، فَهُوَ كَالْكَبدِ وَالطِّحَالِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُتَنَبِّى، فَقَالَ (٥٣):

فَإنْ تَفُقِ الأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ ... فَإنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غِزْلَانِنَا هَذِهِ، وَبَيْنَ (٥٤) غِزْلَانِ الْمِسْكِ فِى الصُّورَةِ وَالشَّكْلِ وَالَّلوْنِ وَالْقُرُونِ، وَإِنَّمَا تُفَارِقُهَا بِأَنْيَابٍ لَهَا كَأَنْيَابِ الْفِيَلَةِ، لِكُلِّ ظَبْى نَابَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْفَكَّيْنِ، قَائِمَانِ أَبْيَضَانِ، نَحْوَ الشِّبْرِ أو أَقَّلَّ أو أَكْثَرَ. ذَكَرَهُ فِى كِتَاب مُرُوجِ الذّهَبِ (٥٥)، وَذكِرَ فِى بَعْضِ تَصَانِيفِ الزَمَخْشَرِىِّ (٥٦) -رَحَمَهُ الله- أَنَّ فَارَةَ الْمِسْكِ: دُوَيبَّةٌ شَبِيهَةٌ بِالْخِشْفِ تَكُونُ بِنَاحِيَةِ تُبِّتَ (٥٧)، تُصَادُ لِسُرَّتِهَا، فَإذَا صَادَهَا الصَّائِدُ: عَصَبَ سُرَّتَهَا بِعِصَابٍ شَدِيدٍ، وَهِىَ مُدَلَّاةٌ، فَيَجْتَمِعُ فِيهَا دَمُهَا فَيَذْبَحُهَا. وَمَا أَكْثَرُ مَنْ يَأْكُلُهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ السُّرَّةَ فَيَدْفِنُهَا فِى الشَّعِيرِ حَتَى يَسْتَحِيلَ الدَّمُ فِيهَا مِسْكًا ذَكِيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يُرامُ نَتِنًا.

(قَوْلُهُ: "الثُّنْيَا" (٥٨) وَ) الثُّنْيَا فِى الْبَيْعِ: أَنْ يَسْتَثْنىَ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، وَأَصْلُهُ: مِنْ ثَنَاهُ عَنْ حَاجَتِهِ: إِذَا رَدَّهُ عَنْهَا، كَأَنَّهُ رَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ إِلَيْهِ (٥٩). وكَذَلِكَ قوْلُهُ (٦٠): "لَا يَقْرَبُهَا وَفِيهَا مَثْنَويَّةٌ" قَالَ الْهَرَوىُّ (٦١): يُقَالُ: حَلَفَ يَمِينًا لَيْسَ فِيهَا ثُنْيَا وَلَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَلَا ثَنِيَّةٌ، وَلَا اسْتِثْنَاءٌ، كُلُّهُ وَاحِدٌ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الثَّنْي وَهُوَ: الرَّدُّ وَالْكَفُّ.

قَوْلُهُ: "يُشَاهِدُ السَّمْتَ" (٦٢) أَىِ الْجِهَةَ، وَأَصْلُهُ: الطَّرِيقُ وَالْهَيْئَةُ.

قَوْلُهُ: "نَهَى عَن الْمَجْرِ" (٦٣) هُوَ (٦٤) اشْتِرَاءُ مَا فِى الأَرْحَامِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (٦٥): الْمَجْرُ: أَنْ يُبَاعَ الْبَعِيرُ أَوْ غَيْرُهُ بِمَا فِى بَطْنِ النَّاقَةِ. يُقَالُ مِنْهُ: أَمْجَرَ (٦٦) فِى الْبَيْعِ (إِمْجَارًا، كُلُّهُ) (٦٧) بِإسْكَانِ الْجيمِ وَأَمَّا الْمَجَرُ- بِالتَّحْرِيكِ: فَهُوَ عِظَمُ الْبَطْنِ مِنَ الْحَمَلِ.

وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِى كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بإصْلَاحِ الْغَلَطِ (٦٨): رَأَيْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالُّلغَةِ يَجْعَلُونَ الْمَجْرَ فِى الْغَنَمِ دُونَ الِإبِلِ، وَحُدِّثْتُ عَنِ الْأَصْمَعِىِّ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أنْ يَشْتَدَّ هُزَالُ الشَّاةِ وَيَصْغُرَ جِسْمُهَا، وَيَثْقُلُ وَلَدُهَا فِى بَطْنِهَا وَتَرْبِضُ فَلَا تَقُومُ، يُقَالُ: شَاةٌ مُمْجِرٌ. . . وَأنْشدَ لِابْنِ لَجَأ فِى وَصْفِ رَاعِيَةٍ:

* وَتَحْمِل الْمُمْجِرَ فِى كِسَائِهَا (٦٩) *


(٥٢) فى المهذب ١/ ٢٦٤: واختلفوا أيضا فى نافجة المسك.
(٥٣) ديوانه ٣/ ١٥١ بشرح البرقوقى.
(٥٤) بين: ليس فِى ع.
(٥٥) .....................................
(٥٦) الجبال والمياه والأمكنة.
(٥٧) مملكة متاخمة لمملكة الصين ومن جهة الشرق للهند ومن جهة الغرب لبلاد الترك وبها ظباء المسك، ومسكها أفضل من مسك الصين لخاصية مراعيها. مراصد الاطلاع ٢٥١.
(٥٨) من ع. وفى المهذب ١/ ٢٦٥: روى جابر (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا.
(٥٩) انظر الغريبين ١/ ٣٠٠ والنهاية ١/ ٢٢٤.
(٦٠) لم أجده فى المهذب فِى هذا الموضع.
(٦١) ع: الجوهرى: تحريف وهو فى الغريبين ١/ ٣٠١.
(٦٢) فى المهذب ١/ ٢٦٥: وإن قال بعتك عشرة أذرع ابتداؤها من هذا المكان ولم يبين المنتهى .. قيل يصح؛ لأنه يشاهد السمت.
(٦٣) ولا يجوز بيع الحمل فى البطن لما روى ابن عمر (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن المجر" والمجر: اشتراء ما فى الأرحام.
(٦٤) ع: والمجر مكان هو.
(٦٥) فى غريب الحديث ١/ ٢٠٦.
(٦٦) ع: المجر تحريف.
(٦٧) ما بين القوسين ساقط من ع.
(٦٨) ص ١٩.
(٦٩) قبله: * تَعْوِى كِلَابُ الْحَىِّ مِنْ عُوَائِهَا*