للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: "كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا" (٢٨) مَعْنَاهُ: إنْ أَمْسَكْتُهَا فَأَنَا كَاذِبٌ فِيمَاْ قَذَفْتُهَا بِهِ، هَكَذَا فَسَّرهُ أهْلُ الْفِقْهِ، وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغةِ، فَقَالُوا: يُقَالُ: كَذَبَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ، أَىْ: (وَجَبَ، إِغْرَاءٌ بِهِ) (٢٩).

الْمَعْنَى: أنَّ الإِنْسَانَ إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهْ: صَارَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُجَازِيَهُ بِفِعْلِهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَائِلُ: كَذَبَ عَلَيْكَ فُلَانٌ، يُرِيدُهُ (٣٠) أَنْ يُجَازيَهُ وَيُثيبَهُ، ثُم عَتُقَت (٣١) هذِهِ الْكَلِمَةُ حَتَّى صَارَتْ كَالإِغْرَاء، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا: وَجَبَ عَلَىَّ طَلَاقُهَا، وَأَنْ لَا أُمْسِكَهَا، كَأنَّهُ (٣٢) أَغْرَى نَفْسَهُ بِذَلِكِ. وَجَاءَ (عَنْ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه) (٣٣) "كَذَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ" (٣٤) أَىْ: وجب.

قَوْلُهُ: "لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" (٣٥) أَىْ: لَا طَرِيقَ لَكَ إِلَى طَلَاقِهَا، قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ بِاللِّعَانِ.

قَوْلُهُ: "الْبَتَّةَ" (٣٦) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْبَتَّ: الْقَطْعَ، بَتَّهُ يَبُتُّهُ: قَطَعَهُ.


(٢٨) روى أن عويمرا العجلانى قال عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين لاعن امرأته: كذبت عليها إن أمسكتها فهى طالق ثلاثا.
(٢٩) ع: أى: أوجب إغراءه به. والمثبت من خ والصحاح.
(٣٠) ع: يريد.
(٣١) ع: فعتقت.
(٣٢) ع: كأنه رضى الله عنه.
(٣٣) ساقط من ع.
(٣٤) غريب أبى عبيد ٣/ ٢٤٧، والفائق ٣/ ٢٥٠، وانظر إصلاح المنطق ٢٩٢، ٢٩٣، والصحاح (كذب).
(٣٥) من قوله - صلى الله عليه وسلم - لعويمر العجلانى. المهذب ٢/ ٧٩.
(٣٦) روى الشافعى أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة. . إلخ المهذب ٢/ ٨٠.