للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَحِقَ بِالْجَيْشِ مَدَدٌ" (٤٠) الْمَدَدُ: الزِّيادَةُ الْمُتَّصِلَةُ، وَأَمدَدْنا الْقَوْمَ، أَيْ: صِرْنَا مَدَدًا لَهُمْ (٤١).

وَقَدْ ذَكَرْنا السَّرِيَّةَ أَنَّها قِطْعةٌ مِنَ الْجَيْشِ، قالَ القُتَيْبِىُّ (٤٢): أَصْلُها مِنَ السُّرى، وهو: سَيْرُ اللَّيْلِ، وَكانَتْ تُخْفِى خُروجَها لِئَلَّا يَنْتَشِرَ الْخَبَرُ فَتَكْتب بِهِ الْعُيونُ، فَيُقال: سَرَتْ سَرِيَّةٌ، أَيْ: سارَتْ لَيْلًا. وَقالَ فِى الْبَيَانِ: بَلْ يَخْتَارُهُمُ الأَميرُ مِن السَّرِىِّ، وَهُوَ: الْجَوْدَةُ، كَأَنَّهُ يَخْتارُ خِيارَ الْخَيْلِ وَأَبْطالَ الرِّجال.

قَوْلُهُ: "وَالْمُسْلِمون يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ" (٤٣) قالَ الْهَرَوىُّ (*): يُقالُ لِلْقَوْمِ: هُمْ يَدٌ عَلى الْآخَرين، أَيْ: هُمْ قَادِرونَ عَلَيْهم، وَيَحْتَملُ أَنْ يَكونَ مِنَ الْيَدِ الَّتي هِىَ الْجَماعَةُ، يُقالُ: هُمْ عَلَيْهِ يَدٌ، أَيْ: مُجْتَمِعُونَ، لَا يَسَعُهُمُ التَّخاذُلُ، بَلْ يُعاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جَميعِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ.

قَوْلُهُ: "يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ" الذِّمَّةُ هَا هُنَا: الأَمانُ، وَيُسَمَّى الْمُعاهَدُ ذِمِّيًّا؛ لِأنَّهُ أَعْطِىَ الْأَمَانَ عَلَى ذِمَّةٍ. وَقالَ فِى الْفائِقِ (٤٤): أَدْناهُمُ: الْعَبْدُ، مِنَ الدَّناءَةِ، وَهِى: الْخَساسَةُ، وَأَقْصاهُمْ: أَبْعَدُهُمْ، مِنَ الْقَصَا، وَهُوَ: الْبُعْدُ. وَهذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَدْناهُمْ أَقْرَبَهُمْ بَلَدًا مِنَ الْعَدُوِّ.

قَوْلُهُ: "نَبْذَةً مِنَ الْأَرْضِ" (٤٥) النَّبْذَةُ: الشَّيْىءُ الْيَسيُر، يُقالُ: فِى رَأْسِهِ نَبْذٌ مِنَ الشَّيْبِ، وَأَصابَ الْأَرْضَ نَبْذٌ مِنْ مَطرٍ، أَيْ: شَيىْءٌ يَسيرٌ.


(٤٠) في المهذب ٢/ ٢٤٦، وإذا لحق بالجيش مدد أو أفلت أسير ولحق بهم نظرت. . . الخ.
(٤١) عبارة الصحاح: وأمددت الجيش بمدد. . قال أبو زيد: مددنا القوم، أي: صرنا مددا لهم وأمددناهم بغيرنا. وانظر فعلت وأفعلت لأبي حاتم ٩٦، ١٦٢، ١٦٣، واللسان (مدد ٣/ ٣٩٨).
(٤٢) في غريب الحديث ١/ ٢٢٧.
(٤٣) المهذب ٢/ ٢٤٦.
(*) في الغريبين ٣/ ٣٨٨ خ.
(٤٤) ٣/ ٢٦٥ بتصرف من المصنف، وانظر غريب أبي عبيد ٢/ ١٠٢ - ١٠٤، والنهاية ٢/ ١٦٨.
(٤٥) روى جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صدر من خيبر تناول بيده نبذة من الأرض أو وبرة من بعيره وقال: والذي نفسى بيده مالى ما أفاء الله إلا الخمس والخمس مردود عليكم. المهذب ٢/ ٢٤٧.