للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقالُ: الْغِناءُ رُقْيَةُ الزِّنا (٥٨)، وَيُقالُ: إِنَّ سُلَيْمانَ بْنَ عَبْد الْمَلِكِ سَمِعَ فِى مُعَسْكَرِهِ مُغَنِّيًا فَدَعا بِهِ فَخَصاهُ فَقالَ: إِنَّ الْغنِاءَ رُقْيَةُ الزنا، وَكانَ شَديدَ الْغَيْرَةِ (٥٩). وَأَنْشَدَ بَعْض أَهْلِ الْعَصْرِ (٦٠):

يا حادِىَ الْعيسِ رِفْقًا بِالْقَواريرِ ... فَقَدْ أَذابَ سُراها بِالْقَوَى رِيرِى (٦١)

وَشَفَّها السَّيْرُ حَتَّى ما بِها رَمَقٌ ... فِى مَهْمَهٍ لَيْسَ فيهِ لِلْقوَارِى رِى (٦٢)

جَمْعُ قارِيةٍ، وَهِيَ: الْفاخِتَةُ.

قَوْلُهُ: "فَأنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقالَ: هِيهِ" (٦٣) مَعْناهُ: زِدْ، وَهو اسْمُ فِعْلٍ يُؤْمَرُ بهِ، أَيْ: زِدْ فِى إِنْشادِكَ، يُنَوَّنُ، فَمَنْ نَوَّنَ، فَمَعْناهُ: زِدْنِي حَديثًا؛ لِأنَّ التَّنْوِينَ لِلتّكْثيرِ، وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ، فَمَعْناهُ: زِدْنِي مِنَ الْحَدِيثِ الْمَعْروفِ مِنْكَ.

وَأَصْلُهُ: إِيه، وَالْهاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، تَقولُهُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَزَدْتَهُ مِن حَديثٍ أَوْ عَمَل (٦٤)، قالَ ذُو الرُّمَّةِ (٦٥):

وَقَفْنا فَقُلْنا إِيه عَنْ أُمِّ سَالمٍ ... وَما بالُ تَكْليمِ الدِّيارِ الْبَلاقِعِ

وَأَمّا إِيهًا، فَمَعْناهُ: كُفّ، وَلَمْ يَجِىءْ إِلَّا مُنَكَّرًا، قالَ النَّابِغَةُ (٦٦):

إِيهًا فِدَاءٍ لَكَ الْأَقْوامُ كُلُّهُمُ ... وَمَا أُثَمِّرُ مِنْ مالٍ وَمنْ وَلَدِ


(٥٨) ............................
(٥٩) انظر العقد الفريد ٦/ ٦٦ - ٦٩.
(٦٠) لم أهتد إليه ولعله للمصنف.
(٦١) القَوَى: القفر الذي لا أنيس به. والرير: الشحم الذي في العظام.
(٦٢) ع: للقواريرى، ولا معنى له.
(٦٣) يعني الشريد بن سويد الثقفى وقد روى عنه ابنه عمرو قال: أردفنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه ثم قال: "أمعك شييء من شعر أمية بن أبي الصلت؟ " فقلت: نعم، فأنشد بيتا، فقال: "هيه". . . فأنشدته بيتًا آخر فقال: "هية" المهذب ٢/ ٣٢٨، وتهذيب التهذيب ٤/ ٢٩٢.
(٦٤) انظر إصلاح المنطق ٢٩١، ومجالس ثعلب ١/ ٢٧٥، والخزانة ٣/ ١٩، ٤/ ٢٨٣، والصحاح (أية).
(٦٥) ديوانه ٢/ ٧٧٨، والمراجع السابقة.
(٦٦) ديوانه ٢٨، وروايته: مَهْلًا. . . . وكذا في الصحاح (ذوى) واللسان (قدى ١٥/ ١٥٠).