للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِى الْحَديث: ما أَذِنَ اللهُ لِشَيْىءٍ أَذَنَهُ لِنَبِىٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ" (٦٧) يُريدُ: ما اسْتَمَعَ اللهُ لِشَيْىءٍ، وَاللهُ تَعالَى لَا يَشْغَلُهُ سَمَعٌ عَنْ سَمْعِ، يُقالُ: أَذِنَ يَأْذَنُ أَذَنًا: إِذا سَمِعَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} (٦٨) أي: اسْتَمَعَتْ، قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ (٦٩):

أَيُها الْقَلْبُ تمتع بِدَدَنْ ... إِنَّ هَمِّى فِى سَمَاع وَأَذَنْ

وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَتِ الأُذُنُ.

قَوْلُهُ: "مَنْ لَمْ يَتَغَنِّ بِالْقُرْآنِ" (٧٠) مُفَسَّرٌ فِى الْكِتابِ، وَالأَوْلَى: الْجَمْعُ بَيْنَ التَّفْسيرَيْنِ: الاسْتِغْناءِ بِهِ وَالتَّأَدّبِ بِآدابِهِ، وَتَحْسينِ الصَّوْتِ بِهِ وَتَرْقيقِهِ، لِيَتَّعِظَ بِهِ مَنْ يَسْمَعُهُ، وَيَتَّعِظَ هُوَ بِهِ.

قَوْلُهُ: "وَأَمّا الْقِراءَةُ بِالأَلْحانِ" (٧١) الأَلْحانُ وَاللُّحونُ: واحِدُها اللَّحْنُ، وَهُوَ: الْغِناءُ وَالتَّطرْيبُ، وَقَدْ لَحَنَ فِى قِراءَتِهِ: إِذَا طَرَّبَ بِها وَغَرَّدَ، وَفِى الْحَديثِ: "اقْرَأوا الْقُرْآنَ بِلُحونِ الْعَرَبِ" (٧٢).


(٦٧) صحيح مسلم ١/ ٥٤٦، وسنن ابن ماجة ١/ ٤٢٥، والنسائي ٢/ ١٨٠، وغريب الحديث ٢/ ١٣٨، ١٣٩، والغريبين ١/ ٣٣، وغريب الحديث للخطابي ٣/ ٢٥٦، وفتح الباري ٩/ ٦٨.
(٦٨) سورة الأنشقاق الآيتان ٢، ٥، وانظر مجاز القرآن ٢/ ٢٩٢، ومعاني الفراء ٣/ ٢٤٩، ومعاني الزجاج ٥/ ٣٠٣، وتفسير الطبرى ٣٠/ ١١٢، ١١٣.
(٦٩) كذا، وفي غريب أبي عبيد ٢/ ١٣٩، قال على بن زيد، وكذا في اللسان (أذن ١٠/ ١٣) (ددن ١٣/ ١٥٢) والصحاح (ددن)، وفي التهذيب ١٥/ ١٧ قال الأحمر: فيه ثلاث لغات وأنشد. . . فظنه لابن أحمر. والرواية: "تعلل" بدل "تمتع".
(٧٠) في المهذب ٢/ ٣٢٨: قال عليه السلام: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" وحمله الشافعي على تحسين الصوت، وقال: لو كان المراد به الاستغناء بالقرآن، لقال: من لم يتغان بالقرآن، وأما القراءة بالألحان، فقال في موضع أكرهه وفي موضع: لا أكرهه.
(٧١) ما سبق عن الصحاح (لحن) وانظر غريب الحديث لأبي عبيد ٢/ ٢٣٢، ٢٣٣، وللخطابي ٢/ ٥٣٦ - ١٤١، وللقتيبى ٢/ ٤١٧، والفائق ٣٠٨/ ٣، ٣٠٩، والأمالى ١/ ٥، والنهاية ٤/ ٢٤١، ٢٤٢.
(٧٢) في المهذب ٢/ ٣٢٨: ويجوز قول الشعر. . . ولأنه وفد عليه - صلى الله عليه وسلم - كعب بن زهير وأنشده:. . . . .