للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولُهُ: "أَغْلبَ عَلَى ذِى لُبٍّ مِنْكُنَّ" (٦) اللُّبُّ: الْعَقْلُ، وَالْجَمْعُ: الأَلْبابُ، قالَ اللهُ تَعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (٧) أَيْ: لِذَوى الْعُقولِ.

قَوْلُهُ تَعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (٨) أَيْ: لَا تَتَّبِعْهُ، فَتَقولَ فيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (٩)، يُقالُ: قَفَوْتُهُ أَقْفوهُ، وَقُفْتُهُ أَقوفُهُ: إِذا اتَّبَعْتَ أَثرَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقافَةُ، لِتَتَبعِهِم الآثارَ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الْقَفا.

قَوْلُهُ: "لِأنَّ الزّانِي هَتَك حُرْمَةَ اللهِ" (١٠) هَتَكَ: خَرَقَ، وَأَصْلُهُ: خَرْقُ السِّترِ، وَقَدْ ذُكِرَ (١١). وَالْحُرْمَة، مَا يَحْرُمُ انِتْهَاكُهُ.

قَوْلُهُ: "بِالاسْتِفاضَةِ" (١٢) هِىَ مَأْخوذَةٌ مِنْ فاضَ يَفيضُ: إِذا شاعَ، وَهُوَ حَديثٌ مُسْتَفيضٌ، أَيْ: مُنتَشرٌ فِى النّاسِ.

قَوْلُهُ: "أَخبارُ الآحادِ" (١٣) الآحادُ: مَا انْحَطَّ عَنْ حَدِّ التَّوَاتُرِ، وَالتَّواتُر: غَيْرُ مَحْصورٍ عَلى الصَّحيح مِنَ الأَقوالِ.


(٦) روى عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب على ذى لب منكن" المهذب ٢/ ٣٣٤.
(٧) سورة الزمر آية ٢١.
(٨) سورة الإسراء آية ٣٦.
(٩) معاني الفراء ٢/ ٣٢، ومجاز القرآن ١/ ٣٧٩، ومعاني الزجاج ٣/ ٢٣٩، وقال الفراء: أكثر القراء يجعلونها من قفوت، وبعضهم يقول: {وَلَا تَقْفْ} والعرب تقول قُفْتُ أَثره وقَفَوْتُه. وقال الطبرى في تفسيره ١٥/ ٨٧: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: لا تقل للناس وفيهم ما لا علم لك به فترميهم بالباطل وتشهد عليهم بغير الحق، فذلك هو القفو.
(١٠) يجوز النظر إلى العورة في شهادة الزنا دون غيره؛ لأن الزانى هتك. . . بالزنا فجاز أن تهتك حرمته بالنظر إلى عورته. المهذب ٢/ ٣٣٥.
(١١) ١/ ٣٥، ٢/ ٢٥.
(١٢) إن كانت الشهادة على ما لا يعلم إلا بالخبر، وهو ثلاثة: النسب، والملك، والموت: جاز أن يشهد بالاستفاضة ٢/ ٣٣٥.
(١٣) في عدد الاستفاضة قال الماوردى: لا يثبت إلا بعدد يقع العلم بخبرهم؛ لأن ما دون ذلك من أخبار الآحاد فلا يقع العلم من جهتهم. المهذب ٢/ ٣٣٥.