برمته، ثم حذف المضاف وهو (تلاقي)، ثم أقيم المضاف إِليه مقامه بالنّصب، فحصل:(نفسَك والشّرَّ)، ثم حذف المضاف وهو (نفس)، وأقيم المضاف إِليه مقامه وهو (الكاف)، فوجب انفصالها، فحصل:(إِياك والشّر)، فـ (إِياك): مفعول لفعل محذوف وجوبًا بعد (إِياك)؛ إِذ لو قدر قبله. . للزم اتصاله به؛ أَي:(إِياك أحذر والشّر) معطوف علَى (إِياك)، والتّقدير:(إِياك أحذر والشّر)، كما تقول:(زيدًا اضرب وعمرًا) من عطف المفردات.
وعامل المعطوف: هو العامل فِي المعطوف عليه.
فإِن قيل: كيف صح أَن يعمل احذر فِي (إِياك) وليس المعنَى عليه؛ لأنَّ (إِياك) محذَّر، و (الشّر) محذر منه، والعطف يقتضي المشاركة فِي المعنَى؟!
أجاب المصنف رحمه اللَّه: أنه علَى حذف المضاف؛ لما سبق من أَن التّقدير:(احذر تلاقي نفسك والشّر).
وقال الفخر فِي "شرح المفصل": إن مقتضَى العطف: الاشتراك فِي معنَى الحرف، فَلَا يمنع أَن يكونَ أحدهما خائفًا، والآخر مخوفًا منه، ولهذا قال: الاشتراك بَينَ المعطوف والمعطوف عليه لا يجب أَن يكونَ من جميع الوجوه، بَلْ يجب الاشتراك فِي الإعراب، وهو هنا حاصل.
وابنا طاهر وخروف: لكن ما بعد الواو منصوب بفعل آخر، فهو من عطف الجمل، والتّقدير:(إِياك باعد واحذر الشّر).
وإِنما حذف العامل فِي هذا الباب وجوبًا؛ لأنَّ (إِياك) كالعوض منه.
خلافًا لابن درستويه فيما نقله منصور بن فلاح: من أنه أَجازَ ذكر النّاصب؛ نحو:(إياك باعد والشّر).
فقول الشّيخ:(إِياك): مفعول بقوله: (نصب)، و (الشّر): معطوف عليه، و (محذرٌ): فاعل، والتّقدير:(نصبَ محذِّرٌ إِياك والشّر) ونحو ذلك وجب استتاره؛ أَي: بفعل واجب الاستتار.
ويجب أيضًا حذف النّاصب مع (إِياك) وأخواتها بدون عطف كما ذكر، وإِليه أشار بقوله:(ودون عطف ذا لإيا أنسب)؛ أَي: انسب هذا الحكم لإيا وأخواتها ولو لم يكن عطف، فتقول:(إِياك أَن تفعل)، و (إِياك الشّر)، والأصل:(أحذرك الشّر)،