وتجيء فِي عطف الجمل؛ كقولِهِ تعالَى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}، {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ}.
واختلف هل الإِضراب هنا للإبطال أو للانتقال؟
والمصنف: علَى الثّاني.
وقد يكرر لفظها، قال المصنف:
رجوعًا عما ولي المتقدمة، وجعل منه فِي القرآن: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ}.
قال: أَو تنبيهًا على رجحان ما ولي المتأخرة؛ كقولِهِ تعالَى: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}.
وأَجازَ المبرد: أَن تنقل حكم ما قبلها وتجعله لما بعدها فِي النّفي والنهي؛ نحو: (ما زيد قائمًا بَلْ قاعدًا)، و (ما جاء زيد بَلْ عمرو)؛ أَي: (بَلْ ما هو قاعدًا)، و (بل ما جاء عمرو)، و (لَا يقم زيد بَلْ عمرو)؛ أَي: (بَلْ لا يقم عمرو).
وتبعه محمد بن الحسين بن عبد الوارث ابن أخت الفارسي كما سبق فِي إعمال (ما) الحجازية.
والجمهور: علَى خلافه.
[تنبيه]
سبق أَن نحو: (جاء زيد) يسمَّى خبرًا، فأعلم أَن الكلام إما خبر أو إنشاء.
والخبر: ما لهُ نسبة خارجية فِي أحد الأزمنة الثّلاثة تطابقه أو لا تطابقه.
فالنّسبة: هي القيام مثلًا فِي: (قام زيد)، أَو (زيد قام)، والنّسبة هنا متقدمة علَى نفس اللّفظ، فهي مقترنة بالزّمن الماضي.
والنّسبة فِي نحو: (زيد سيقوم) متأخرة عن نفس اللّفظ.
وهذه النّسبة المقترنة بأحد الأزمنة يحتمل أَن تطابق .. فيكون الكلام لهُ حقيقية.
وأن لا تطابق .. فيكون خلاف الواقع.
ومن ثم قالوا: الخبر: يحتمل الصّدق والكذب.