للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[تنبيه]

إِذا قلت: (كاد زيد يقوم) .. فمقاربة القيام: موجودة، والقيام: منتف.

وإِن قلت: (ما كاد زيد) .. فالمقاربة: منتفية، والقيام: منتف أبعد من انتفائه فِي المثال الأول.

قال تعالَى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} .. فهو أبلغ من نفي الرّؤية من أَن يقال: (لم يره).

ووهم بعضهم فِي (كاد)، فظن أَن إِثباتها نفي وعكَسَهُ، وعمل لغزًا وهو قولهُ:

أَنَحوِيُّ هَذَا العَصرِ مَا هِيَ لَفظَةٌ ... جَرَتْ فِي لِسَانَي جُرْهُمٍ وَثَمُودِ (١)

إِذَا اسْتُعمِلَت فِي صُورَةِ الجَحْدِ أُثبِتَتْ ... وَإِنْ أُثْبِتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ

وليس بشيء؛ إِذ حكمها كحكم سائر الأفعال؛ فمعناها منفي إِذا صحبت نفيًا، وثابت إِذا لم تصحبه.

وأما قوله تعالَى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} .. فكلام يتضمن كلامين، ومضمون كل واحد منهما فِي وقت غير وقت الآخر، والتّقدير: (فامتنعوا من ذبحها فِي زمن، ثم بدا لهم بعد ذلك ذبحها)؛ فهو علَى حد قولك: (ولدت هند وَلَم تكد تلد)، قال ذلك المصنف رحمه اللَّه.

ويجوز حدف الخبر فِي هذا الباب للقرينة، وجعل منه المصنف: {فَطَفِقَ مَسْحًا}؛ أَي: (يمسح مسحًا)، وفيه حذف عامل المؤكد، وهو لا يراه كما سيأتي فِي المفعول المطلق.

وحديث: "من تأنَى .. أصاب أَو كاد، ومن عجل .. أخطأ أو كاد". وحديث: "حتَّى إِذا استغنى أو كرب .. استعف".


(١) التخريج: البيتان لأبي العلاء المعري وهما من الطويل، وينظران في شرح الكافية الشافية (١/ ٤٦٧)، وتعليق الفرائد (١٠٥٧)، والمغني (٢/ ٧٣٨)، وإصلاح الخلل (٣٥٢)، والأشموني (١/ ٢٦٨)، والهمع (١/ ١٣٢)، والدرر (١/ ١١٠).
والبيتان شاهدان على اشتهار هذه المسألة بين النحاة حتى نظم فيها هذا الشاعر هذين البيتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>