وتقول:(إِياك من الأسد)، وأصله:(باعد نفسك من الأسد) فحذف (باعد)، ثم حذف المضاف وهو (نفس)، فانفصل الضّمير، فأخر الفعل كما سبق، فحصل:(إِياك من الأسد) فـ (إِياك): منصوب بفعل بعده كما ذكر، والتّقدير:(إِياك باعد من الأسد).
وقيل التّقدير:(أحذرك من الأسد)، فحذف (أحذر) فانفصلت الكاف، وأخر الفعل فحصل:(إِياك من الأسد)، والتّقدير:(إِياك أحذر من الأسد).
ثم إن كَانَ التّحذير بغير (إِياك) وأخواتها. . جاز ذكر النّاصب وحذفه إن لم يكن عطف ولا تكرار؛ فتقول:(احذر الأسَد)، أو (الأسدَ)، و (نحِّ رأسَك) أَو (رأسَك)، وإِليه أشار بقوله:(وما سواه ستر فعله لن يلزما) يعني: وما سوى التّحذير بـ (إِياك) لا يلزم فيه الحذف كما ذكر، إِلَّا مع العطف أو التّكرار فيلزم الحذف.
ومنه قولهم:(مازِ رأسَك والسيفَ)، فـ (مازِ): منادَى مرخم؛ أَي:(يا مازن قِ رأسك واحذر السّيف) فهو من عطف الجمل؛ لأنَّ العامل فِي المعطوف غير العامل فِي المعطوف عليه هنا.
و (مازن) أصله: (مازني) نسبة إِلَى بني مازن، فحذف الياء، ثم سمي به، ثم رخم.
- والتّكرار؛ نحو:(الأسد الأسد)، و (الضّيغم الضّيغم يا هذا الساري)، و (اللَّه اللَّه فِي أمري).
وفي "البسيط": جواز إِظهار العامل مع المكرر.
وقال أبو موسَى الجزولي: يقبح فيه الإِظهار ولَا يمتنع. انتهَى.
والمشهور: الحذف.
قال الرّماني: وإِنما أضمر الفعل؛ لأنَّ التحذير ممَّا تخاف منه وقوع المخوف، فهو موضع إِعجال لا يحتمل تطويل الكلام؛ لئلا يقع المخوف بالمخاطب قبل تمام الكلام. انتهَى.