وأما (زُفَر) السابق .. فمعدول عن (زافر) بمعنى: (ناصر أو حامل).
وقوله: (وَالعَدل والتَّعْرِيْفُ مَانِعَا سَحَرْ ... إلي آخره) يشير به إلي أن (سحر) يمنع من الصرف للعدل والتعريف، إذا أراد به (سَحَر) يوم بعينه، وجعل ظرفًا.
أما العدل: فإنه كان من حقه أن يذكر معرفًا بـ (أل)؛ نحو: (السحر) فعدل به عن ذلك.
وأما التعريف: فالمراد به التعريف المشبه للعلمية كالتعريف السابق في (جُمَع)، فأشبه العلَم أيضًا من حيث إنه معرف ولم يلفظ معه بمعرّف؛ فتقول: (جئت يوم الجمعة سحر) فتمنعه كما ذكر.
فإن قصد تعيينه دون الظرفية .. قرن بـ (أل)، أو أضيف، أو نُوِّن؛ نحو: (طاب السَحر)، و (طاب سحر يوم كذا)، و (سحر مبارك).
وهو لأعشى باهلة في الأصمعيّات ص ٩٠، وأمالي المرتضي ٢/ ٢١، وجمهرة اللغة ص ٧٠٦، ٩٧١، ١١٧٤، وخزانة الأدب ١/ ١٨٥، ١٨٦، ١٩٥، ولسان العرب ٤/ ٣٢٥ (زفر)، ٥/ ١١١ (قفر)، ١١/ ٦٧٢ (نفل)، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٥٣، ٢١٤.
اللغة: الأخ: هنا المُلابس الملازِم للشيءِ. الرغائب: جمع رغيبة وهي العطايا الكثيرة، أو الأشياء التي يُرْغَبُ فيها. الظُّلامةُ: هي ما تطلبه عند الظالم. النوفل: البحر، والكثير العطاء. الزُّفَر: الكثيرُ الناصرِ والأهل والعدةِ.
المعنى: يريد الشاعَر أنَّ مرثيَّه كان كريمًا كثير الهبات، يسأله الناس فَيُعطيهم، ولم يكن لأحد عنده مظلمة، ولم يكن أحد مهما كان قويًّا ليظلم الناس خوفًا من هذا المرثي.
الإعراب: أخو: خبر لمبتدأ محذوف. وتقدير الكلام: هو أخو، والخبر مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة. رغائب: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف. يعطيها: فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة علي الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: هو، وها: مفعول به محله النصب. ويُسأَلُها: الواو: حرف عطف. يُسأل: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة، ونائب الفاعل مستتر تقديره هو، وها: مفعول به. يأبَى: فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة علي الألف للتعذر. الظلامة: مفعول به منصوب بالفتحة. منه: جار ومجرور متعلقان بالفعل يأبى. النوفل: فاعل. الزُّفَر: صفة لـ (النوفل) مرفوعة مثله بالضمة الظاهرة.
جملة (هو أخو رغائب): ابتدائية لا محل لها. جملة (يعطيها): صفة لـ (رغائب) محلها الجر.
وعطف عليها جملة (يُسألها). وجملة (يأبى الظلامة منه النوفل): خبر ثانٍ للمبتدأ (هو) محلها الرفع.
والشاهد فيه: أنَّ (الزُّفَر) إذا جاء صفة وليس بعلم .. يصرف وتدخل عليه (أل) كما في هذا الشاهد.