وقبله قوله: وَما حَمِدتُكَ في هَولٍ ثَبَتَّ لَهُ ... حَتّى بَلَوتُكَ وَالأَبطالُ تَمتَصِعُ فَقَد يُظَنُّ شُجاعًا مَن بِهِ خَرَقٌ ... وَقَد يُظَنُّ جَبانًا مَن بِهِ زَمَعُ المعنى: قال الإفليلي في "شرح معاني شعر المتنبي" ١/ ٣٦٤: المصاع: التجالد بالسيوف. الخرق: البهت والدهش. والزمع: خفة تعتري الشجاع عند الحرب نحو اشتداد الحمى، وكان البراء بن مالك الأنصاري قد شهر بها. يقول مخاطبًا سيف الدولة: وما بلغتُ حقيقة وصفك، وما يجب في حمدك، مع ما شهدته من ثباتك في الأهوال التي جمعتني بك حتى بلوتك والأبطال تتماصع سيوفها، وتجتهد في جلادها، ورأيت غناءك وشدة بأسك، ومقاومتك للروم بنفسك، فهناك علمت مقدار صبرك، واستوفيت حقيقة حمدك. ثم قال مؤكدًا لما ذكر: إنه خفي عليه من أمره، وأن المقاتل لا يقضى عليه دون الاختبار لظاهره؛ فرب من يثبت في الحرب ويسكن ولا ينصرف، فيظن به الشجاعة، وإنما ثبت عن دهش وخرق، ورب من يخف فيها ويضطرب فيظن به الجبن، وإنما اضطرب عن إقدام وشره. ثم ضرب في ذلك مثلًا فقال: إن السلاح يشترك الناس في حمله، ويتماثلون في الاشتمال به، وقليل منهم من يستعمله في الجلاد والطعان، ويصرفه في منازلة الأقران يشير إلى سيف الدولة، كما أن السباع كلها ذوات مخالب، ولكن الأسد يفضلها بقوته، ويزيد عليها بشدته وبأسه، وكذلك، أصحاب سيف الدولة يتزيون بشكله، ويشاركونه في لبس السلاح وحمله، ولكنهم يقصرون عن تصريفه له، ويعجزون عما يبلغه من البطش به. الإعراب: إن: حرف توكيد ونصب. السلاح: اسم إن منصوب. جيمع: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. الناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. تحمله: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل مستتر جوازًا تقديره: هي، والهاء: ضمير مفعول به. وليس: الواو استئنافية، ليس: فعل ماض ناقص، واسمها ضمير الشأن. كل: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. ذوات: مضاف إليه. المخلب: مضاف إليه ثان. السبع: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. وجمله (إن السلاح ... ): استئنافية لا محل لها. وجملة (جميع الناس): خبر إن في محل رفع. وجملة (تحمله): خبر المبتدأ جميع. وجملة (وليس كل ذوات): استئنافية لا محل لها. وجملة (كل ذوات المخلب السبع): خبر ليس. الشاهد: قوله: (ليس كل ذوات المخلب السبع)؛ حيث ضمّن (ليس) ضمير الشأن فرفع المبتدأ والخبر بعدها.