للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومنه قولهُ:

فإِنَّكَ مَن حَارَبتَهُ لَمُحَارَبٌ ... ....................... (١)


(١) التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: شَقِيٌّ وَمَنْ سَالمْتَه لَسَعِيدُ
وقد نسبه العيني إلى رجل مشرك، ولكنه ورد غير منسوب في شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٨)، وتخليص الشواهد (٣٥٨، ٣٦١)، والدرر (٢/ ١٨١)، والهمع (١/ ١٣٩)، وشواهد التوضيح (١٥٢).
قال العيني: أقول: قائله هو أبو عزة عمرو بن عبد اللَّه بن عثمان، وكان شاعرًا مفلقًا ذا عيال، وأسر يوم بدر كافرًا، فأُتِيَ به إلى رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فقال يَا رسول اللَّه: لقد علمت ما لي من مال، وإني لذو حاجة وعيال فامْنُن عليِّ يَا رسول اللَّه ولك علي أن لا أظاهر عليك أحدًا فامتن عليه، فقال يمتدحه -صلى الله عليه وسلم-:
مَنْ مُبلِغٌ عَنِّي الرَّسُولَ مُحَمّدًا ... بِأَنَّكَ حَقٌّ والملِيكُ حَمِيدُ
وأنتَ امْرُؤٌ تَدْعُو إلَى الحَقِّ والهُدَى ... عليكَ مِنَ اللَّه العَظِيم شَهيدُ
وأنت امْرُؤٌ بُوِّئتَ فِينَا مَبَاءَةً ... لهَا دَرَجَاتٌ سَهْلَةٌ وصُعُودُ
فإنَّكَ مَنْ حَارَبْتَه لَمُحَارَبٌ ... شَقِيٌّ وَمَنْ سَالمْتَه لَسَعِيدُ
ولكنْ إذَا ذُكرتَ بَدْرًا وأهْلَهَا ... تأَوَّبَ مَا بِي حَسْرَةً فَيَعُودُ
فلما كان يوم أحد .. دعاه صفوان بن أمية بن خلف الجمحي وهو سيدهم ليرسله إلى الخروج، فقال: إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قَدْ مَنَّ عَلَيَّ فَعَاهدْتُهُ أن لا أُعِينَ عليه، فلم يَزَل به وكان محتاجًا فأطعمه -والمحتاج يطمع- حتَّى خرج، وسار في بني كنانة وقال يُحَرِّضُهُمْ:
أيَا بَنِي عَبدَ مُنَاةَ الرِّزَامِ ... أَنْتُمْ حُمَاةٌ وَأَبُوكُمْ حَامْ
لا يَعْدَوُنَّ نَصْرَكُمْ بَعْدَ العَامْ ... لا تُسْلِمُوني لا يَحِل إِسْلَامْ
فقال ابن سلام: إنه أسر يوم أحد، فقال يَا رسول اللَّه: مُنّ عليّ، فقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، لا تمسح عارضك، وتقول: خدعت محمدًا مرتين" فقتله، ويقال: إنما أسره وقتله حين خرج إلى حمراء الأسد.
الإعراب: قوله: فإنك كذا أنشده ابن مالك بالفاء، والصواب: (وإنك) بالواو، والخطاب فيه وفي قوله: (حاربته وسالمته): للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فالكاف: اسم إن، وخبره قوله: من حاربته. فمن: موصول مبتدأ. وحاربته: جملة من الفعل والفاعل والمفعول صلته. وقوله: لمحارب: خبر المبتدأ. وقوله: شقي: صفة لمحارب. قوله: ومن سالمته: عطف على قوله: حاربته. ومن: أَيضًا: موصول مبتدأ، وسالمته: جملة صلته. وقوله: لسعيد: خبره.
الشاهد: قوله: (لمحارب)، و (لسعيد)، حيث دخلت لام التأكيد عليهما وهما خبران، والأصل دخولهما على المبتدأ لتوكيده، كقولك: لزيد منطلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>