للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ففاعل (التّحدر): (الدّمع)، وفاعل (البكاء): (أم عمرو)؛ ومع ذلك نصب (بكاءً) علَى المفعول لهُ.

وقد يقال: إنه حذف الحرف للضرورة.

لكن أَجازَ الفارسي: (جئتك إِكرامك لي)، مع أَن فاعل (المجيء) غير فاعل (الإِكرام).

قيل: ومنه قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا}، علَى أَن (الإِرَاءة) من اللَّه تعالى، و (الخوف) و (الطّمع) من المخلوقين.

وأجيب: بأن (يريكم) علَى معنَى (يجعلكم رائين).


= الروم.
المعنى: يقول: إنّ عهدي بأم عمرو أن أراها صابرة متجلدة، فما بالها اليوم كثر بكاؤها على عمرو.
أقول [القائل الشيخ محمد حسن شراب في شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية ١/ ٤١٢]:
وما أظن أمّ عمرو تبكي خوفًا على موت ولدها في سفره، ولكنها تبكي عليه لأنه وافق امرأ القيس في رحلته إلى قيصر الروم يستعين به على بني قومه. فكانت هذه القصة إن صحت، وصمة عار في تاريخ امرئ القيس، تزاد على مقابح جاهليته، لأنه أورث قومه من بعده، ممّن لم يدخل الإسلام إلى قلوبهم: أورثهم الذلة والمهانة، والعقوق، وقطع الأرحام، عندما كانوا يستعينون بالأجنبي على قتل أهلهم في سبيل متاع زائل، وتاريخ دويلات الأندلس -عهد الطوائف- مثل لهذا الميراث الممقوت، وسجّل الشاعر الأندلسي السّميسر، خلف بن فرج هذا التاريخ المظلم بقوله:
نَادِ المُلُوكَ وَقُل لَهُم ... مَاذَا الَّذِي أَحْدَثْتُم
أَسْلَمتم الإسْلامَ في ... أَسْرِ العِدا وَقَعَدْتُم
وَجَبَ القِيَامُ عَلَيْكُم ... إِذ بِالنَّصَارى قُمْتُم
لَا تَنْكروا شَقَّ العَصَا ... فَعَصَا النَّبيُّ شَقَقْتُم
وأعاد التاريخ نفسه في العصر الحديث، عندما قامت دويلات الطوائف الهزيلة تحتمي بقوة من وراء البحار.
وأقول: وهذا الأمر للأسف يتكرر اليوم عندما حدثت فتنة في سوريا ذهب ضحيتها ملايين الأشخاص، واستعان كلٌ من طرفي الفتنة بمن لا خلاق لهم ولا دين عندهم على هذا الشعب المسكين.
الشاهد: في قوله (بكاءً): حيث نصب بكاءً علَى المفعول لهُ، وليس فيه من الشروط إلا كونه مصدرًا، وذلك جائز عند البعض، وغير جائز عند الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>