فقال: دعوني أتوصَّلُ معكم إلى الحي، فإنكم إن تركتموني وَحْدِي أكلتني السباع وقَتَلَنِي العطش، ففعلوا، فأقبل معهم، فلما كان من الغدِ .. نزلوا فَنَحَروا جَزُورًا في يومٍ شديدِ الحر، فقالوا: ظلِّلُوا لَحْمكم لا يفسد. فقال بيهس: لكنَّ بالأثَلَاث لحمًا لا يُظَلَّل، فذهبت مثلًا. فلما قال ذلك .. قالوا: إنه لمُنْكَر، وَهَمُّوا أن يَقْتلوه، ثم تركوه وظلّوا يَشْوُون من لحم الجزِور ويأكلون، فقال أحدهم: ما أَطْيَبَ يومَنَا وأَخْصَبَه، فقال بيهس: لكنْ على بَلْدَح قومٌ عَجْفَى، فأرسلها مثلًا، ثم انْشَعَبَ طريقُهم، فأتى أُمَّه فأخبرها الخبر. قالت: فما جاءَني بك من بين إخوتك؟ فقال بيهس: لو خُيِّرْتِ لاخْتَرْتِ، فذهبت مثلًا. ثم إن أمه عَطَفت عليه ورقَّتْ له، فقال الناسِ: لقد أحبَّتْ أم بيهسٍ بيهسًا. فقال بيهس: ثُكلٌ أَرْأَمَهَا ولدًا, أي عَطَّفها على ولد، فأرسلها مثلًا. ثم إن أمه جَعَلت تُعطيه بعد ذلك ثيابَ إخوته فَيَلْبَسُها ويقول: يا حَبَّذَا التراثُ لولا الذلَّة، فأرسلها مثلًا. ثم إنه أتى على ذلك ما شاء اللَّه، فمر بنسوة من قومه يُصْلِحْنَ امرأةً منهن يُرِدْنَ أن يُهْدِينَهَا لبعض القوم الذين قَتَلُوا إخوته، فكشَف ثوبه عن اسْتِهِ وغطى به رأسه، فقلن له: ويحك! ما تصنع يا بيهس؟ فقال: الْبَسْ لِكُلِّ حَالَةٍ لَبُوسَها ... إِمَّا نَعيمَهَا وَإِمَّا بُوسَهَا فأرسلها مثلًا. ثم أمر النساء من كنانة وغيرها فصنَعْنَ له طعامًا، فجعل يأكل ويقول: حَبَّذَا كثرةُ الأيْدِي في غير طعام، فأرسلها مثلًا. فقالت أمه: لا يطلبُ هذا بثأرٍ أبدًا. فقالت الكنانية: لا تأْمَنِى الأحْمَقَ وفي يَدِه سكين، فأرسلتها مثلًا. ثم إنه أُخبِر أن ناسًا من أُشْجَعَ في غارٍ يشربون فيه، فانطلق بخالٍ له يقال له: أبو حَنَش، فقال له: هل لك في غارٍ فيه ظِباء لعلنا نصيبُ منها. ثم انطلق بَيْهَس بخاله حتى أَقَامَهُ على فَمِ الغار، ثم دفع أبا حنَشِ في الغار، فقال: ضَرْبًا أبا حَنَشٍ، فقال بعضهم: إن أبا حَنَشٍ لَبَطَل، فقال: أبو حنش: مُكْرَهٌ أَخَاكَ لا بَطَل، فأرسلها مثلًا.