للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذُكِرَ في مناقب الفُضَيلِ بنِ عِيَاضٍ، أنه ضحك يومَ موتِ ابنِه عليّ، فسُئِل عن ذلك، فقال: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قضى بقضاءٍ، فأحببتُ أن أَرضى بقضائِه (١).

وهَدْيُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكْمَلُ وأفْضَلُ، فإنَّه جمع بين الرِّضا بقضاء ربِّه تعالى وبين رحمة الطفل، فإنه لما قال له سعدُ بنُ عبادةَ: ما هذا يا رسولَ الله؟ قال: "هذه رحمةٌ، وإنَّما يرحمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ" (٢).

والفُضَيْلُ ضاقَ عن الجمع بين الأَمْرَينِ، فلم يتَّسع للرِّضا بقضاء الربِّ وبكاءِ الرَّحمةِ للولدِ. هذا جواب شيخنا سمعته منه (٣).

السَّادس عشر: جواز الحزن على الميِّت، وأنه لا ينقص الأجر ما لم يخرج إلى قولٍ أو عمل لا يُرضي الربَّ، أو تركِ قولٍ أو عملٍ يُرضيه.

السَّابع عشر: تغسيلُ الطفل، فإنَّ أبا عُمَرَ وغيره ذكروا أنَّ مُرْضِعَتَهُ أمَّ بُرْدَةَ ـ امرأة أبي سيفٍ ـ غسَّلتْهُ، وحملتْه مِن بيتها على سريرٍ صغيرٍ إلى لَحْدِهِ (٤).


(١) بنحوه في الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا، ص ١٠٨، ومن طريقه في حلية الأولياء لأبي نُعيم الأصبهاني: ٨/ ١٠٠.
(٢) أخرجه البخاري في الجنائز، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يعذب الميت ببكاء أهله: ٣/ ١٥١، ومسلم في الجنائز، باب البكاء على الميت: ٢/ ٦٣٦، برقم (٩٢٣).
(٣) انظر: زاد المعاد: ١/ ٤٤٩، وهو بنحوه في التحفة العراقية لشيخ الإسلام ص ٣٧.
(٤) الاستيعاب: ١/ ٥٦. وانظر: التمهيد: ٦/ ٣٣٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>