أما بعد: فإني أعطيتكم عهد الله وميثاقه، وذمّة أنبيائه ورسله، وأصفيائه وأوليائه من المسلمين؛ على أنفسكم وأموالكم وعيالاتكم وأرجلكم (كذا) ، وأماني من كل أذى. وألزمت نفسي أن أكون من ورائكم، ذابّا عنكم كل عدوّ يريدني وإيّاكم، بنفسي وأتباعي وأعواني والذابّين عن بيضة الإسلام وأن أعزل عنكم كل أذى في المؤن التي يحملها أهل الجهاد من الغارة، فليس عليكم جبر ولا إكراه على شيء من ذلك.
ولا يغير أسقف من أساقفتكم ولا رئيس من رؤسائكم، ولا يهدم بيت من بيوت صلواتكم ولا بيعة من بيعكم، ولا يدخل شيء من بنائكم إلى بناء المساجد ولا منازل المسلمين، ولا يعرض لعابر سبيل منكم في أقطار الأرض، ولا تكلفوا الخروج مع المسلمين إلى عدوّهم لملاقاة الحرب. ولا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية على الإسلام، كرها لما أنزل الله إليه كتابه:«لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرّشد من الغي» ، «ولا تجادلوا [أهل الكتاب] إلا بالتي هي أحسن» .
وتكف أيدي المكروه عنكم حيث كنتم. فمن خالف ذلك فقد نكث عهد الله وميثاقه، وعهد محمد صلى الله عليه، وخالف ذمّة الله والعهد الذي استوجبوا به حقن الدماء، واستحقّوا أن يذبّ عنهم كل مكروه لأنهم نصحوا وأصلحوا ونصروا الإسلام.
ولي شرط عليهم: ألا يكون أحد منهم عينا لأحد من أهل الحرب على أحد من المسلمين في سر ولا علانية، ولا يؤوي في منازلهم عدوّا للمسلمين، فيكون منه وجود فرصة أو غرّة (؟) وثبة، ولا يرفدوا أحدا من أهل الحرب على المؤمنين والمسلمين بقوة عارية، لسلاح ولا خيل ولا رجال، ولا يدلّوا أحدا من الأعداء ولا يكاتبوه. وعليهم إن احتاج المسلمون إلى اختفاء أحد منهم عندهم وفي منازلهم، أن يخفوه ولا يظهروا العدوّ عليه، ويرفدوهم ويواسوهم ما أقاموا عندهم. ولا يخلّوا شيئا مما شرط عليهم. فمن نكث منهم شيئا من هذه الشروط وتعدّاها إلى غيرها، فقد برىء من ذمّة الله ورسوله