المشتملة على عهد الرسول لأهل المدينة ومعاهدتي أيلة والطائف (الوثيقتين ٣١ و ١٨١) في أسلوب عربيّ أصيل مما يبعثنا على اليقين بصحتها.
[معيار الوضع والصحة]
نظن بوجه عامّ أنّ كتب الأمان التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم للقبائل المسلمة أو الخاضعة له والتي لم تتضمن إلّا مطالبتهم بأداء الفرائض الدينية صحيحة لأنه لا يوجد فيها ما عسى أن يكون موضوعا إذ لا حاجة لأحد إلى وضعها. ولو كانت بعض هذه الكتب وضعت لتكون مفخرة لقبيلة على أخرى، فإنّ مثل هذا الوضع كان يترك طابعه في أسلوبها. ولكن هذه الوثائق لا تحتوي إلّا على إعطاء الأمان والأمر بإقامة الفرائض.
أما الوثائق التي لا تشتمل إلا على الحقوق دون الواجبات أو التي تذكر أشياء لم توجد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فنعدها موضوعة، كبعض العهود التي زعموا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كتبها للنصارى واليهود والمجوس، وقد ذكرنا نموذجا منها في الضمائم.
وربما اختلق المؤرخون غير المحتاطين بعض الوثائق على أساس ما ذكر عنها في التاريخ. مثال ذلك أنّا نجد في الكتب القديمة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كاتب النجاشي لتزويجه بأمّ حبيبة وردّ المسلمين المهاجرين إلى المدينة.
ولا نجد نصّ هذين الكتابين إلّا في تأليف متأخّر، وهذا يجعلنا نرجح أن تكون هاتان الوثيقتان (المذكورتان تحت رقم ٢٤ و ٢٥) موضوعتين.
وفوق هذا نجد أنّ الوثائق الطويلة أكثر تعرّضا للتحريف، إذ كان المعتمد في الرواية على السماع. ولذلك نجد أنّ أطول النصوص أكثرها اختلافا.
وقد يرجع الاختلاف إلى سوء القراءة كما نجد في الوثيقة ٧٢ أنّ جميع النسخ الخطية تتفق على إيراد اسم «الأكبر بن عبد القيس» ولا نجد له ذكرا في كتب الأنساب والرجال. فلعله مصحف عن «لكيز بن عبد القيس» الذي ورد