«كان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب كثيرا [!] قبل زمان رسالته إلى بلاد الشام في صحبة عمه أبي طالب. واتفق ذات يوم أن القافلة مرّت من طريق الطور بجانب الدير. وكان مقدّم الركب عمّه أبا طالب. ونزلت هناك في ضيافة الرهبان. ودخل الركب إلى الدير إلا النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لبث خارجا عنه. لأن حداثة سنه كانت تمنعه العادة المألوفة من الدخول. وكان في الدير في ذلك الوقت ناسك يسمى باخوميوس، له معرفة تامة بعلم النجوم تمكنه من الإخبار بالمغيبات والإنباء عن مستقبل الأمور.. وبسبب علمه الواسع ومهارته التامة واقتداره على اقتباس الغيب بمجرد النظر إلى الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب، يقال إنه توصل إلى معرفة مستقبل النبي صلى الله عليه وسلم وما سيصير إليه أمره من الاشتهار. ولذلك أخذ يمعن النظر في ركبان القافلة ... الشرف الجليل المعدّ من العناية الربانية لهذا الفتى الذي كان خارج الدير ... فخرق الراهب من أجله تلك العادة، وسمح له بالدخول ولاقاه بالإجلال والإعظام. ثم أنبأه بالمجد ... الذي سيناله ... وقال له: «وماذا تفعل إذا صحّ النبأ وتحقّق الخبر؟» فوعده صلى الله عليه وسلم بأن يمنح الدير مزيد العناية والرعاية. ولما جاءته من ربه الرسالة ذكر الراهب وأنجز له وعده لما كان من إكرام وفادته عند دخوله صلى الله عليه وسلم ديره. ثم جعل لرهبان دير الطور خصائص ومننا ضمنها عهدا سطره كاتبه عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه بإملائه عليه السلام. ثم إنه طبع على العهد صورة يده الشريفة إذ لم يكن لديه خاتم يختم به.
[نسخ العهدة]
الأولى: الموجودة في دير الطور وهي في الحقيقة نقل الأصل فإن السلطان سليم أخذ بالأصل إلى الآستانة وأعطى الرهبان نقلا مصدّقا وهو الموجود هناك الآن.