للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعبّر عن تلك العلاقات السياسية. وهي الوثائق التي عرّفتنا طرفا من أخبارها.

ولا يقال إن الرواية الشفوية هي وحدها التي اعتمد عليها في أوائل الإسلام، إذ أن المسلمين قد أمروا أن يكتبوا جميع ما فيه من حقوق العباد ويستشهدوا عليه فإن «ذلك أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى أن لا ترتابوا» .

ومن ثم كتب النبي صلى الله عليه وسلم جميع المحالفات والمعاهدات مع القبائل والملوك سوى ما كتب إليهم من المراسلات. ويقال إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كانت عنده نسخ العهود والمواثيق ملء صندوق، ولكنها احترقت حين احترق الديوان يوم الجماجم سنة ٨٢ للهجرة. والذي بقي بعد ذلك قضت عليه صروف الزمن وغارة التتار.

والواقع أنه لم يصل إلينا إلا أصل اثنتين أو ثلاث من تلك الوثائق، أولها كتاب النبي إلى المقوقس (راجع رقم ٤٩) الذي وجده المستشرق الفرنسي بارتيلمي في كنيسة قرب أخميم في مصر، والثاني كتاب النبي إلى المنذر بن ساوى (رقم ٥٧) الذي كان المستشرق الألماني فلا يشر نشر صورته، والثالث كتاب النبي إلى النجاشي (رقم ٢١) الذي ينوي المستشرق دنلوب الإنكليزي نشره. وقد بحثنا عن صحة الأصلين الأولين في مقالة في «مجلة عثمانية» الهندوستانية في شهر يونيو سنة ١٩٣٦ وفي أخرى في مجلة «إسلامك كلجر» الإنكليزية (حيدر آباد في شهر أكتوبر سنة ١٩٣٩) ، ونحن نكتفي هنا بإرجاع القارىء إلى الصور الشمسية التي ألحقناها مجموعتنا هذه «١» .

وإذا كانت أصول أكثر الوثائق قد ضاعت فقد حفظ لنا رواة الحديث والمؤرخون جملة صالحة منها كما يظهر ذلك في «تذكرة المصادر» التي ألحقناها بهذا الكتاب.

والظاهر أن الاعتناء بتلك الوثائق قديم جدا، وكثيرا ما ذكر الرواة والمؤلفون أنهم نقلوا كتاب كذا من الأصل المحفوظ عند عائلة من كتب إليه.


(١) راجع الصور المقابلة للوثائق ٢١، ٤٩، ٥٧.

<<  <   >  >>