وأرسل إلينا: أن ادخلوا. فدخلنا عليه، وهو على فراش له، وعنده بطارقته من الروم، وكل شيء في مجلسه أحمر، وما حوله حمرة، وعليه ثياب من الحمرة. فدنونا منه. فضحك فقال: ما عليكم لو جئتموني بتحيتكم فيما بينكم؟ وإذا عنده رجل فصيح بالعربية، كثير الكلام.
فقلنا: إن تحيتنا فيما بيننا لا تحلّ لك، وتحيتك التي تحيا بها لا يحلّ لنا أن نحييك بها. قال: كيف تحيتكم فيما بينكم؟ قلنا: السلام عليك.
قال: فكيف تحيّون ملككم؟ قلنا: بها. قال: فكيف يرّدّ عليكم؟
قلنا: بها. قال: فما أعظم كلامكم؟ قلنا: لا إله إلّا الله والله أكبر. فلما تكلمنا بها، والله يعلم، لقد انتفضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها. قال: فهذه الكلمة التي قلتموها حيث انتفضت الغرفة، أفكلما قلتموها في بيوتكم انتفضت عليكم غرفكم؟ قلنا:
لا، ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك. قال: لوددت أنكم كلما قلتم انتفض كل شيء عليكم واني قد خرجت من نصف ملكي! قلنا: لم؟ قال: لأنه كان أيسر لشأنها وأجدر أن لا تكون من أمر النبوة وأنها تكون من حيل الناس. ثم سألنا عما أراد. فأخبرناه. ثم قال: كيف صلاتكم وصومكم؟ فأخبرناه. فقال: قوموا. فأمر لنا بمنزل حسن ونزل كثير.
فأقمنا ثلاثا، فأرسل إلينا ليلا. فدخلنا عليه. فاستعاد قولنا. فأعدناه.
ثم دعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة، فيها بيوت صغار، عليها أبواب. ففتح بيتا وقفلا فاستخرج حريرة سوداء فنشرناها (؟ فنشرها) فاذا فيها صورة حمراء وإذا فيها رجل ضخم العينين، عظيم الاليتين، لم أر مثل طول عنقه، وإذا ليست له لحية، وإذا له ضفيرتان أحسن ما خلق الله. فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا: لا. قال: هذا آدم عليه السلام، واذا هو أكثر الناس شعرا. ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء وإذا فيها صورة بيضاء، وإذا له شعر كثير القطط، أحمر العينين، ضخم الهامة، حسن اللحية، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا. قال: هذا نوح عليه السلام. ثم فتح بابا آخر، فاستخرج حريرة سوداء، وإذا فيها رجل شديد