أحدهما: أنَّ النَّصَّ في الكلب، والكلب له فعل اختياريٌّ، فإذا أرسله في الحرم على صيد في الحلِّ؛ فهو بمنزلة من وكَّل عبده في الحرم في شراء صيد من الحلِّ وذبحه فيه.
وهذا بخلاف ما إذا أرسل سهمه؛ لأنَّه منسوب إلى فعله.
ولهذا فرَّق أحمد في رواية ابن منصور بين أن يرسل سهمه من الحلِّ إلى صيد في الحلِّ، فيدخل الحرم، فيقتل فيه، فيضمنه، وبين أن يرسل الكلب، فلا يضمن؛ لأنَّ دخول الكلب في الحرم باختياره ودخول السَّهم بفعل الرَّامي، ولهذا لو أصاب سهمه هذا آدميًّا؛ لضمنه، ولو أصاب الكلب آدميًّا، لم يضمنه.
وإلى هذا التَّفريق أشار ابن أبي موسى؛ حيث ضمَّن في رمي السَّهم في المسألتين، ولم يضمِّن في صيد الكلب إذا أرسله في الحلِّ فصاد في الحرم (١)، إلَّا أن يرسله بقرب الحرم، وأمَّا إن أرسله في الحرم فصاد في الحلِّ؛ فحكى فيه روايتين، قال:(والأظهر عنه: أن لا جزاء فيه)، ولكنَّ القاضي إنَّما صرَّح بالخلاف في الكلب، وأبو الخطَّاب هو الَّذي طرد الخلاف في السَّهم.
والوجه الثَّاني: أنَّ هذا النَّصَّ إنَّما يدلُّ على انتفاء الضَّمان فيما إذا أرسل سهمه من الحرم على صيد في الحلِّ؛ لأنَّ صيد الحلِّ غير