للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغد جاء كعب الأحبار فقال له: يا أمير المؤمنين اعهد فإنك ميّت في ثلاثة أيام. قال: وما يدريك؟ قال: أجده في كتاب الله عز وجل التوراة. قال عمر: آلله أنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟ قال: اللهم لا، ولكن أجد صفتك وحليتك ... فلما كان من الغد جاء كعب فقال: ... بقي يومان. قال: ثم جاء مِن غَدِ الغد فقال: ... بقي يوم وليلة وهي لك إلى صبيحتها ... » وقال فيه: «فضُرِب عمر ستّ ضربات» وفي آخرها: «ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاثٍ بقين من ذي الحجة».

أقول: هل يسمع عمر هذا الوعيد الشديد مِن عبد كافر ثم لا يحترس منه، ولا يأمر بالقبض عليه وسجنه أو ترحيله من المدينة؟ أو على الأقل يضع عليه عيونًا تراقبه، فقد كان لعمر عيون على الناس ترقب أقلَّ من هذا، وكان له عيون على عُمّاله في البلدان البعيدة، أو ليس عمر هو الذي رجع عن بلد الطاعون فقال له أبو عبيدة: أفرارًا من قَدَرِ الله؟ فقال عمر: لو غيرك يا أبا عبيدة قالها. نعم نَفرُّ من قَدَر الله إلى قَدَر الله (١). هب أن عمر لم يبال بنفسه، أفلم يكن بقاء ذلك العبد الكافر بين ظهراني المسلمين خطرًا عليهم، وقد جاهر الخليفة بالتوعُّد، فما عسى أن يكون حاله مع غيره؟ قد يقال: يمكن أن تكون وُضعت عليه عيون راقبته مدّة فلم يُرَ منه ما يُنكر، فتُرِك. لكن [ص ٧٧] هذه الحكاية تجعل التوعّد يوم الجمعة ٢٢ ذي الحجة سنة ٢٣ والقتل بعد ذلك بأربعة أيام.

أضف إلى ذلك أنه قد ثبت أنّ عمر قال في خطبته في تلك الجمعة:


(١) أخرجه البخاري (٥٧٢٩)، ومسلم (٢٢١٩).