للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«رأيت ديكًا نقرني ثلاث نقرات، ولا أراه إلّا حضور أجلي» (١). وفي بعض الروايات أنه ذكر أن الرؤيا عبرت بأن رجلًا من الأعاجم يعتدي عليه. راجع «فتح الباري» (٧: ٥٠) (٢). هل يخبر عمر بهذه الرؤيا في اليوم الذي توعَّده فيه الأعجمي ثم لا يحترس ولا يقبض على ذاك الأعجمي؟

وفوق هذا تزعم الحكاية أنّ كعبًا جاء إلى عمر بعد الإخبار بالرؤيا وإيعاد الأعجمي بيوم واحد فقال لعمر ما تقدم. أفلم يكن في اقتران هذه الثلاثة ما يدعو إلى الاحتراس؟

أمر آخر: تقدم (ص ٤٦) (٣) تشديد عمر على أبي موسى لما أخبر بخبرٍ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهل يُعقل أنّ عمر هذا الذي شدَّد على أخيه المؤمن الصادق المهاجر القديم للإسلام، لا يشدِّد على كعبٍ حديثِ العهدِ باليهودية ولا صحبة له ولا هجرة، مع أن خبره أَوْلَى وأحقّ بأن يُستنكر؟

أمر ثالث: عَهْدُنا بهذا الحميريّ داهيًا، فهل يعقل أن يكون واقفًا على المؤامرة ثم يقع منه ما حكته الحكاية؟ المعقول أن يسكت إن كان له هوًى في قتل عمر، وأن يخبره بالمؤامرة على وجهها إن لم يكن له هوًى في قتله. أما السكوت فخشية أن يؤدّي كلامه إلى حبوط المؤامرة، بأن يحترس عمر ويقبض على أبي لؤلؤة، وقد يجر إلى اكتشاف المؤامرة ووقوع كعب نفسه. وأما الإخبار بالمؤامرة على وجهها فلأنه بذلك يكون له يدٌ عند عمر


(١) أخرجه مسلم (٥٦٧).
(٢) (٧/ ٦٣).
(٣) (ص ٨٩).