للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلمين ينال بها جاهًا ومكانة. وكلا هذين الغرضين أهمّ وأعظم مِن حُبّه إيهام اطلاعه على بعض أمور المستقبل، على أنّ هذا قد كان حاصلًا في الجملة، فقد كانوا يعرفون معرفته بصحف أهل الكتاب ويعرفون أن فيها أشياء من ذلك.

ومَنْ قَابَلَ هذه الحكاية بالروايات الصحيحة وَجَدَ مخالفة: منها عدد الطعنات، اتفقت الروايات الصحيحة على أنها ثلاث فقط، ووقع في هذه الحكاية أنها ست. فأنت ترى أن النظر في متن هذه الحكاية يبين أنها مدخولة لا يمكن الاعتماد عليها في شيء، ويؤكِّد ذلك سقوطُ سندها، فإن سليمان مجهول لم نجد له ترجمة، وأبوه ساقط الحديث كما بيَّنه جمعٌ من الأئمة، وعبد الله بن جعفر لا بأس به، فأما أبوه جعفر بن المسور فلا يعرف برواية أصلًا، ولا يُدْرى أدرك أباه أم لا.

[ص ٧٨] وقال ص ١١٧: (ووقع في رواية أبي إسحاق عند ابن سعد: وأتى كعب عمر فقال: ألم أقل لك إنك لا تموت إلا شهيدًا، وإنك تقول: من أين وإني في جزيرة العرب).

أقول: هي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون. وأبو إسحاق مشهور بالتدليس ولم يذكر سماعًا. وروى غيره القصة عن عمرو بن ميمون كما في «صحيح البخاري» (١) وغيره بدون هذه الزيادة. ومع هذا فأيّ شيء فيها؟ أما الشهادة فقد كان عمر مُبَشَّرًا بها يقينًا، ففي «الصحيحين» (٢) وغيرهما من حديث أنس: «أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صعد أُحُدًا وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم


(١) (٣٧٠٠).
(٢) البخاري (٣٦٧٥)، ولم أجده في مسلم.