للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الأحاديث التي يصححها الأئمة المتثبِّتون.

قال: (ومنه ما كان يتعذّر عليهم العلم بموافقته أو مخالفته للواقع؛ لظاهر حديث أبي ذر عند الشيخين وغيرهما: «أين تكون الشمسُ بعد غروبها»، فقد كان المتبادر منه للمتقدّمين أن الشمس تغيب عن الأرض كلها وينقطع نورها عنها مدة الليل، إذ تكون تحت العرش تنتظر الإذن لها بالطلوع ثانية).

أقول: للحديث روايات:

إحداها: رواية وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: ٣٨] قال: «مستقرّها تحت العرش» أخرجاه في «الصحيحين» (١).

الثانية: في «الصحيحين» (٢) أيضًا من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: «دخلتُ المسجدَ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فلما غابت الشمس قال: «يا أبا ذرّ هل تدري أين تذهب هذه؟ » قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها تذهب فتستأذن في السجود فيؤذَن لها. وكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلُع من مغربها»، قال: ثم قرأ في قراءة عبد الله: (وذلك مستقرّ لها) لا أدري من القارئ؟ ولعله إبراهيم التيمي. وظاهر اختلاف سياق الروايتين أنهما حديثان كلٌّ منهما مستقلّ عن الآخر، وليس في المرفوع من هاتين الروايتين ذِكْر أنها حين تغرب تكون تحت العرش أو في مستقرّها.


(١) البخاري (٤٨٠٢)، ومسلم (١٥٩).
(٢) البخاري (٤٨٠٣)، ومسلم (١٥٩).