للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهناك رواية ثالثة للبخاري (١) عن الفريابي عن الثوري عن الأعمش بنحو رواية أبي معاوية إلا أنه قال: «تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن ... ». ونحوه بزيادة في روايةٍ لمسلم (٢) من وجهٍ آخر عن إبراهيم التيمي وقال: «حتى تنتهي إلى مستقرِّها تحت العرش فتخرّ ساجدة ... ».

فقد يقال: لعلّ أصل الثابت [ص ٢١٤] عن أبي ذر الحديثان الأولان، ولكن إبراهيم التيميّ ظنَّ اتفاق معناهما فجمع بينهما في الرواية الثالثة. وقد يقال: بل هو حديث واحد اختصره وكيع على وجه وأبو معاوية على آخر. فالله أعلم.

هذا، وجَرْي الشمس هو ــ والله أعلم ــ هذا الذي يحسّه الناس، فإنه على كلِّ حال هو الذي تُطْلِق عليه العرب: (جري الشمس) تدبر (٣)، وبحسب ذلك يُفهم الحديث. وقال الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: ١٨]. ومهما يكن هذا السجود فإنه يدل على الانقياد التام، والشمس منقادة لأمر ربها أبدًا، وانحطاطها في رأي العين إلى أسفل أجدر بأن يسمَّى سجودًا، والمأمور يعمل إذا انقاد، وشأنه الانقياد دائمًا، فشأنه عند توقّع أن يُؤمر بتركه أن يستأذن.

فأما طلوعها آخر الزمان من مغربها، فرأيت لبعض العصريين (٤) كلامًا


(١) (٣١٩٩).
(٢) (١٥٩).
(٣) كذا في (ط).
(٤) لم أتبيَّن مَن هو.