للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: الطعن المعقول هو الذي يتحرَّى أضعف نقطة في السند، فما باله عَمَد إلى أقوى مَنْ فيه وهو الصحابي؟ وهو أبو ذرّ الغفاري، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أظلَّت الخضراء ولا أقلَّت الغبراء مِنْ ذي لهجةٍ أصدق من أبي ذر» (١). ثبتَ مِن حديث أمير المؤمنين عليّ وعدد من الصحابة.

الخامسة: أن أبا ذر لم يُنقل عنه إصغاء إلى كعب، ولا إلى مَن هو مثل كعب، بل جاء أنَّ كعبًا قال في مجلس عثمان: ما أُدِّيَتْ زكاتُه فليس بكنز. فضربه أبو ذرّ بعصاه، وقال: ما أنت وهذا يا ابن اليهودية؟ أو كما قال. وفي «المسند» (١٦٢: ٥) (٢) عنه: «لقد تركنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وما يتقلَّب في السماء طائر إلا ذكرنا منه علمًا». وفي البخاري (٣) عنه أنه قال في زمان عثمان: «لا والله لا أسألهم دُنْيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله عزَّ وجل». أفتراه يستغني عن إخوانه مِنْ جِلَّة الصحابة هذا الاستغناء ثم يأخذ عن كعب أو نحوه؟

[ص ٢١٦] السادسة: أن مَنْ سمع مِنْ الصحابة من كعب لم يسمعوا منه إلا بعض ما يخبر به عن صحف أهل الكتاب، ورواية أبي هريرة عن كعب قليلة وكلها من هذا القبيل، وراجع (ص ٦٨ و ٧٣) (٤).

السابعة: لم يذكر دليلًا على دعواه أنَّ أبا هريرة وابن عباس كانا يُصدِّقان كعبًا، ولا أعلم أنا دليلًا على ذلك، أما إخبارهما عنه ببعض ما يُخْبِر به عن


(١) تقدم تخريجه (ص ٢٠٦ ــ ٢٠٧).
(٢) (٢١٤٣٩).
(٣) (١٤٠٨)، وهو في مسلم أيضًا (٩٩٢).
(٤) (ص ١٣٢ و ١٣٩).