للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صُحُف أهل الكتاب فغايته أنهما كانا يميلان إلى عدم كذبه.

الثامنة: أن الذي عُرِف للصحابة في قول أحدهم: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... » أنه إن لم يكن سماعًا له من النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو سماعٌ له من صحابي آخر ثابت الصحبة كما تقدم (ص ١١٥) (١). وجميع ما ثبت عنهم جملةً وتفصيلًا مما فيه ذِكْر إرسالهم إنما هو هذا، و (٢) الدليل الصريح الذي استدلوا به على أنَّ أبا هريرة قد يرسل: إنما هو حديثه في مَنْ أصبح جُنبًا فلا يصبح ... (٣)، وقد بيّن أنه سمعه من صحابيين فاضِلَين وهما أسامة بن زيد والفضل بن عباس، مع أنه قلّما كان يذكر الحديثَ بل كان الغالب من حاله أن يفتي بذلك فتوى ولا يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولا يُعْلَم أحدٌ من الصحابة قال في حديث: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... » ثم بيّن أو ذَكَر مرةً أخرى أو تبيَّن بوجه من الوجوه أنه عنده عن تابعيّ عن صحابي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. بل يعزّ جدًّا أَخْذ الصحابي عن تابعي عن صحابي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما توجد أمثلة يسيرة جدًّا لصغار الصحابة يُسْنِدونها على وجهها، راجع (ص ١٥٦ - ١٥٧) (٤).

وكان الصحابي إذا قال: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... » كان محتملًا عند السامعين للوجهين كما مرَّ، فأما أن يكون إنما سمعه مِن تابعيّ عن صحابيّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن عندهم محتملًا، وإذ لم يكن محتملًا فارتكاب الصحابي إياه


(١) (ص ٢٢٢ ــ ٢٢٣).
(٢) (ط): «أو».
(٣) تقدم (ص ٢٢٦).
(٤) (ص ٢٩٨ ــ ٣٠١).