للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهار {مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} كما تتغير ألبان الدنيا بالحموضة {لَذَّةٍ} تأنيث لذ، وهو اللذيذ أو وصف بالمصدر.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (١٨)}

كان المشركون والمنافقون يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجعلون إصغاءهم إلى ما يقول فكانوا يسألون أهل العلم عما قال النبي صلى الله عليه وسلم {آنِفاً} يعني: ماذا قال الآن. قال الزجاج: هو من قولك: استأنفت الشيء: إذا ابتدأته؛ كأنهم قالوا لأولي العلم: أخبرونا عما قال محمد ابتداء (١).

قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ} الله {هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ} أعانهم عليها، أو آتاهم جزاء تقواهم. وعن السدي: بين لهم ما يتقون (٢). وفاعل {زادَهُمْ} هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو الاستهزاء من المنافقين. {أَنْ تَأْتِيَهُمْ} بدل اشتمال من الساعة. قوله عز وجل {فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ} {ذِكْراهُمْ} متعلق ب‍ {فَأَنّى} أي: من أين لهم التذكر، وبعد نزول الآيات لا ينفع التذكر. الأشراط: العلامات، ومن أشراطها: بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر، والدخان. وعن الكلبي: كثرة المال، وشهادة الزور، وقطع الأرحام، وقلة الكرام، وكثرة اللئام (٣).

{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣)}


(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٥/ ١٠).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٢٣).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>