للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال وفيت وأوفيت ثلاثيا ورباعيا. {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ} نزلت في الأعراب الذين تخلفوا عن السفر عام الحديبية وهم: أشجع، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه إلى مكة عام الحديبية استفزّ الأعراب من أهل المدينة وأهل البوادي؛ حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه، وأحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق معه الهدي ليعلم أنه لم يأت لقتال، وإنما جاء (٢٦٦ /أ) معتمرا؛ فتأخر كثير من الأعراب، وقالوا: نذهب إلى قوم غزونا في بلادنا وظهروا علينا، وظنوا أنه لا ينقلب إلى المدينة، وأن العدو يستأصلهم، واعتلوا بالشغل بأهليهم، وأنه ليس لهم من يقوم بأشغالهم؛ فكذبهم الله في الاعتذار بالأشغال، وإنما كان سبب التخلف النفاق، وكذلك طلبهم الاستغفار ليس بصادر عن حقيقة. {فَمَنْ يَمْلِكُ} أي: فمن يمنعكم من قضاء الله إن أراد بكم ما يضركم أو ما ينفعكم من قتل أو هزيمة أو نصر أو غنيمة، والأهلون: جمع أهل، وجاء في جمعه: أهلات؛ كأرض وأرضات، وأما أهال فاسم جمع ك‍ "ليال". والبور: من بار؛ كالهلك من هلك، وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، ويجوز أن يكون جمع بائر؛ كعائذ وعوذ، والمعنى: وكنتم قوما فاسدين الأحوال والعقائد. وقيل: وكنتم هلكى في حكم الله. ونكر {سَعِيراً} تعظيما لشأنها؛ كما نكر {ناراً تَلَظّى} (١).

{وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاّ قَلِيلاً (١٥) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (١٧)}


= بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال: بايعناه على أن لا نفر، ولم نبايعه على الموت ". وروي أيضا في صحيحه بعد هذا الحديث عن أبي الزبير أنه سمع جابرا يسأل: كم كانوا يوم الحديبية؟ قال: كنا أربع عشرة مائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره".
(١) سورة الليل، الآية (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>