{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ} عن التوجه إلى الحديبية. {إِلى مَغانِمَ} أي: غنائم خيبر.
{أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ} موعد الله لأهل الحديبية؛ لأنه قدر أن غنائم خيبر لمن شهد الحديبية خاصة. {بَلْ تَحْسُدُونَنا} أن نصيب معكم من الغنائم، وكرر {بَلْ} لأن الأول إضراب عن أن حكم الله ألا يتبعوهم، وإثبات للحسد، والثانية إشعار بأن المؤمنين هم الذين ادعوا حرمانهم، والباعث عليه الجهل. {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ} عن الحديبية: {سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} هم بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، وهم مرتدون؛ لأن الكفار الموصوفين بالوصف الآتي هم المرتدون، ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وهذا دليل على صحة إمامة أبي بكر؛ لأن الله أخبر أنهم سيدعون إلى قتال هؤلاء القوم وأخبر أنهم يدعون إلى القتال، وأخبر أن الداعي تجب إجابته، ولم يكن مثل ذلك إلا وقعة بني حنيفة. وقيل:
المراد فارس والروم، وعند أبي حنيفة: تقبل الجزية من مشركي العجم (١). {أَوْ يُسْلِمُونَ} معطوف على {تُقاتِلُونَهُمْ} وليست بمعنى: إلى أن. {كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ} عن التوجه إلى الحديبية.
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ} الآية نفى الحرج عن هؤلاء المتخلفين من أرباب الأعذار.
{يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}(٢٦٦ /ب) بهذه الآية سميت بيعة الرضوان، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل بالحديبية بعث جواس بن أمية الخزاعي رسولا إلى أهل مكة فهموا به، فمنعه الأحابيش فلما رجع دعا بعمر ليبعثه فقال: إنّي أخافهم على نفسي، ولكن أدلك على شخص هو أكرم بها مني؛ عثمان بن عفان؛ فبعثه إليهم فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بحرب، وإنما جاء زائرا ومعظما لهذا البيت، فوقروه وقالوا: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف، فقال: ما كنت لأطوف به قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتبس عندهم، فأرجف
(١) ينظر: بدائع الصنائع للكاساني (١١٩، ٧/ ١١٨)، بداية المبتدي للمرغيناني (١/ ١٢١)، تحفة الملوك في فقه الإمام أبي حنيفة لمحمد بن أبي بكر الرازي (١/ ١٨٨).