للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنهم قتلوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبرح حتى نناجز القوم، فدعا الناس إلى البيعة فبايعوه تحت الشجرة، وكانت سمرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليوم خير أهل الأرض. وكان عدد المبايعين ألفا وأربعمائة" (١).وقيل: ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين، وقيل: ألفا وثلاثمائة.

{فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ} من الإخلاص فيما بايعوا. {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ} أي: الطمأنينة بسبب الصلح على قلوبهم. {وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} هو مال خيبر. وعن الحسن: هو فتح هجر، وهو أجل فتح اتسعوا بثمره (٢). {وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها} هي خيبر، وكانت أرضا ذات عقار وأموال فقسمها بينهم، ثم أتاه عثمان بالصلح فلما تمّ الصلح نحر بالحديبية وحلق.

{وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً} وهو ما بقي على المؤمنين إلى يوم القيامة {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ} أي: خيبر {وَكَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ} أي: أهل مكة وخيبر وحلفاءهم من غطفان وأسد حين جاءوا لنصرتهم، فكف الله أيديهم عن المؤمنين. {وَلِتَكُونَ} هذه الكفة {آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} وقيل: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي، فتأخر ذلك إلى السنة القابلة، فجعل فتح خيبر علامة لفتح مكة (٣). {وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً} يزيدكم بصيرة. {وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها} هي مغانم هوازن في غزوة حنين وقال: {لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها} لأن هوازن كانوا قوما رماة فرموا المسلمين بالسهام فانهزموا، ثم ناداهم النبي صلى الله عليه وسلم فتراجعوا ونصرهم الله. {أَحاطَ اللهُ بِها} قدر عليها (٢٦٧ /أ) ويجوز أن يكون في {وَأُخْرى} ضمير يفسره {قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها} وأما {لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها} فصفة ل‍ {وَأُخْرى} ويجوز فيها الرفع على الابتداء؛ لكونها موصوفة، و {قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها} خبر للمبتدأ، أو الجر بإضمار "رب" و {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} جملة معترضة، أي: وفعل ذلك لتكون آية، ويجوز أن يكون وعدكم المغانم فعجل هذه الغنيمة، وكف الأعداء، أي: لينفعكم بها، ولتكون آية للمؤمنين إذا وجدوا الإخبار بها صادقا.


(١) رواه البخاري رقم (٣٨٣٩)، ومسلم رقم (٣٤٥٣).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٤٠).
(٣) نسبه الحافظ ابن حجر في فتح الباري باب: رؤيا الصالحين، للفريابي وعبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>