للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم صيده (١). وحذف جواب {وَلَوْلا رِجالٌ} لدلالة الكلام عليه ويجوز أن يكون قوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا} كالتكرير لقوله: {وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ} ويكون {لَعَذَّبْنَا} الجواب. فإن قيل: أي معرة تصيبهم إذا قتلوهم وهم لا يعلمون؟ قلت:

تصيبهم الدية والكفارة وسوء قالة المشركين: أن هؤلاء أوقعوا بأهل دينهم؛ إذا جرى منهم بعض التقصير! و {لَوْ تَزَيَّلُوا} تفرقوا.

{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦) لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧)}

روي أن قريشا بعثت سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أن يرجع من عامه ذلك ويعود في العام الذي يليه، ولا يكون معه شيء من آلة الحرب، وكتبوا بينهم كتابا، فقال عليه السلام لعلي: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم فقالوا: ما نعرف هذا؛ ولكن اكتب: باسمك اللهم، ثم قال: اكتب (٢٦٧ /ب) هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب محمد ابن عبد الله، فقال لعلي "اكتب ما يريدون؛ فإني أشهد أني رسول الله وأني محمد بن عبد الله. فهم المسلمون بأن يأبوا ذلك، فأنزل الله على رسوله السكينة وعلى قلوب المؤمنين" (٢). {كَلِمَةَ التَّقْوى} بسم الله الرحمن الرحيم، ومحمد رسول الله {وَكانُوا أَحَقَّ بِها} لما جبلوا عليه من الخير، واشرأبت قلوبهم من تعظيم حرمات الله وطاعة رسوله. وعن الحسن: {كَلِمَةَ التَّقْوى} الوفاء بالعهد (٣). روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين محلقين ومقصرين؛ فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم يدخلونها في عامهم، وقالوا: إن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق،


(١) رواه أحمد في المسند (١/ ١٦٥)، وأبو داود رقم (٢٠٣٢)، ولفظه "إن صيد وج وعضاهه حرام محرم لله" وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع رقم (١٨٧٥).
(٢) رواه البخاري رقم (٣١٨٢)، ومسلم (٥/ ١٧٥ - ١٧٦)، وأحمد في المسند (٣/ ٤٨٦).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>