للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخول النساء في لفظ القوم في قوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} (١) وقوله: {أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ} (٢) فبطريق التبعية.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ (١٢) يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)}

و (الغيبة) من الاغتياب؛ كالغيلة من الاغتيال، وهي ذكر السوء في الغيبة، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال: "أن تذكر أخاك بما يكره؛ فإن كان فيه فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته" (٣).ولما ذكر الله تعالى أن الغيبة بمنزلة أكل لحم أخيك. عقب ذلك بقوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} أي: فقد تحققت الكراهة وقد ركز في الطباع كراهية أكل لحم الميت، أي: فاتركوا الغيبة كما تتركوا أكل لحم الميت.

وقوله: {مَيْتاً} إما حال من {لَحْمَ أَخِيهِ} أو من الأخ، وعدي (كره) ب‍ (إلى) في قوله: (كره) وبنفسه هاهنا لأن القياس تعديته بنفسه قبل التثقيل؛ تقول: كرهت الشيء وكرهته غيري، وأما تعديته ب‍ "إلى" فإجراء "كره" مجرى "بغض" والمبالغة في التواب؛ لكثرة من يتوب الله عليه من عباده، أو لأنه ما من ذنب إلا وهو مغفور بالتوبة.

{وَاتَّقُوا اللهَ} بالندم على ما فرط وامتثال أوامره. روي أن سلمان كان يخدم رجلين ويسوي لهما طعامهما، فغفل سلمان عن شأنه؛ فبعثاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبان منه إداما، فأتى أسامة - وكان على طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد عنده شيئا، فأتاهما


= لسان العرب (شعث) وعجزه:
شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر وما أثبتناه هو صدر البيت المستشهد به هنا كما في المصادر التي خرجناه منها وهو من بحر الوافر.
ينظر في: غريب الحديث للخطابي (١/ ٥٢٦)، لسان العرب (قوم).
(١) سورة الشعراء، الآية (١٠٥).
(٢) سورة هود، الآية (٦٠).
(٣) رواه مسلم في صحيحه رقم (٤٦٩٠)، والترمذي رقم (١٨٥٧) ولفظه فيهما: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول. قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته".

<<  <  ج: ص:  >  >>