للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشادة. و {فَضْلاً} مفعول له، أو مصدر من غير فعله وقوله: {فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً} الله تعالى فاعل النعم، وإفضاله: إنعامه، فصح إذن شرط المفعول من أجله، وهو أن يكون فعل فاعل المعلل.

{وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ (١١)}

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب حمارا، ومر على ملأ من الأنصار فيهم عبد الله بن أبي المنافق، فبال حمار النبي صلى الله عليه وسلم فغطى عبد الله بن أبي أنفه وقال: أخر حمارك عنا فقد آذانا نتنه؛ فقال عبد الله بن رواحة: حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل منك، وبوله أطيب من مسكك؛ فتقاولا وجاء كل واحد منهما قومه من الأوس والخزرج، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهم فنزلت {وَإِنْ طائِفَتانِ} (١).

والبغي: الاستطالة وإباء الصلح و {تَفِيءَ} ترجع، وإنما قال: {اِقْتَتَلُوا} ولم يقل:

اقتتلتا؛ حملا على المعنى؛ فإن الطائفتين في معنى الجماعتين، وفي قتال أهل البغي تفاصيل مذكورة في كتب الفقه. أمر بالقسط على سبيل العموم، وحكم بأن المسلم أخو المسلم، فإذن أوجبت أخوة النسب النصرة والمصافاة، فأخوة الدين أولى. وقيل: المراد بالأخوين الأوس والخزرج (٢٧٠ /ب) وهو بعيد. روي أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم [عيروا أم سلمة] (٢) بالقصر؛ فأنزل الله تعالى {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ} الآية (٣).

القوم: الرجال خاصة؛ لأنهم القوام بأمر قبيلتهم وعشائرهم، وقول زهير [من الوافر]:

[وما أدري وسوف إخال أدري] ... أقوم آل حصن أم نساء (٤)


(١) رواه البخاري رقم (٢٦٩١)، ومسلم رقم (١٧٩٩)، والواحدي في أسباب النزول (ص: ٤٠٨ - ٤٠٩).
(٢) ما بين المعقوفين بياض بالأصل والمثبت من الكشاف للزمخشري.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٧٠).
(٤) ورد الشطر الأول في الأصل: فو الله ما أدري وإن كنت داريا، وهو بيت آخر من بحر الطويل كما في -

<<  <  ج: ص:  >  >>