للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعشير، والتقدير: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد؛ كقول الشاعر [من الطويل]:

كنت منه ووالدي ... بريّا ... (١)

{رَقِيبٌ} ملك يرقب عمله. {عَتِيدٌ} حاضر، واختلف فيما يكتبان الملكان، فقيل: يكتبان كل شيء حتى الأنين في المرض. وقيل: لا يكتبان إلا ما تعلق به ثواب أو عقاب وروي أن كاتب الحسنات على اليمين وكاتب السيئات على الشمال، وكاتب اليمين أمين على كاتب اليسار؛ فإذا عمل العبد حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا، وإذا كسب سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات لعله يستغفر أو يتوب، فإذا مضت سبع ساعات، فإن تاب وإلا كتبها واحدة.

{وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)}

لما ذكر إنكارهم للبعث أعقبه بذكر كيفية ما يخشى وقوعه من عذاب يوم القيامة، ودل على قربه للعبارة عنه بالماضي بقوله: {وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ،} {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} وسكرة الموت: شدته الذاهبة بالعقل، والباء في {بِالْحَقِّ} للتعدية. وقيل: للمصاحبة، وقرأ ابن مسعود: "وجاءت سكرة الحق بالموت" (٢) والباء على هذه القراءة للتعدية؛ لأنها سبب


= أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخره: "وأنت تجري فيما لا يعنيك لا تستحي من الله ولا منهما".
(١) جزء من بيت لابن أحمر، وقيل: للأزرق بن طرفة بن العمرد الفراصي، وتكملته:
رماني بأمر كنت منه ووالدي بريا ومن جول الطوي رماني ينظر في: تفسير الطبري (١١/ ٨٦)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٢)، لسان العرب (جول)، معجم البلدان (١/ ٣٩٠) وجول الطوي: جدار البئر. قال ابن منظور في اللسان: "قال ابن بري: أي رماني بأمر عاد عليه قبحه؛ لأن الذي يرمي من جول البئر يعود ما رمى به عليه، ويروى: ومن أجل الطوي قال: وهو الصحيح؛ لأن الشاعر كان بينه وبين خصمه حكومة في بئر فقال خصمه: إنه لص ابن لص. فقال هذه القصيدة وبعد البيت:
دعاني لصا في لصوص وما دعا بها والدي فيما مضى رجلان
(٢) وقرأ بها أيضا أبو بكر الصديق رضي الله عنه. تنظر في: تفسير القرطبي (١٧/ ١٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٧٨)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٧٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢١)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢٨٣)، معاني القرآن للفراء (٣/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>